إما الخلود أو مزبلة التاريخ
علي العماري
تشارف الفترة الزمنية المحددة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل على الانتهاء بعد أيام ونحن بعيوننا الشاخصة في انتظار نتائجه ومخرجاته ومحددات المرحلة القادمة لرسم خارطة الطريق لوطننا اليمني الحبيب.
أعناقنا مشرئبة نحو الآفاق البعيدة على أمل الخروج بحلول ومعالجات جذرية وشاملة لمشاكلنا المستجدة والعتيقة وإزالة أسباب ومعوقات بناء الدولة اليمنية المدنية ومثبطات الحياة السياسية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وضع اليمن أشبه بحالة إنسان عليل يعاني من أمراض عديدة وبحاجة لطبيب ماهر قادر على تشخيص أوجاعه وتحديد أسبابها .. ونتمنى أن يكون أعضاء مؤتمر الحوار قد توفقوا للقيام بهذا الدور لتشريح الجسد اليمني المسجى منذ عقود على أوجاع الزمن العصيبة على المسكنات والحلول الجزئية من خلال التدقيق والتمحيص المتناهيين لمكمن عاهاته وأوجاعه وبالتالي تحديد الروشته أو الوصفة العلاجية النافعة والشافية.
النوايا تسبق الأفعال والأعمال تسبق النتائج والمحصلة الدليل والبرهان على صحة نوايانا وأقوالنا وأعمالنا وما إذا كانت لخدمة الأرض والإنسان أم أبليس وأعوانه من عبدة الشيطان.
اليمن حبلى بالخيرات والثروات والمفآجات السارة ولدى اليمنيين الجرأة والقدرة على اجتياز المنعطفات وتخطي الأخطار لصنع الأحداث العظيمة وإنجاز التحولات الكبرى كما فعلوا من قبل عندما أعلنوا الوحدة في زمن التشظي الكوني الكبير مع انهيار دول المنظومة الاشتراكية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي وظهور كيانات ودويلات صغيرة على أنقاضها.
العالم ينظر بإعجاب شديد لتجربة الثورة السلمية للشعب اليمني المدجج بالسلاح والنموذج اليمني للحوار القائم على التوافق والاتفاق والشفافية تجاه كافة القضايا الوطنية المتراكمة والمؤجلة منذ ما يزيد عن نصف قرن.
والدليل على ذلك الرعاية العربية والدولية للمرحلة الانتقالية ولكن كيف نجعل من هذا الاهتمام الخارجي بقضايا اليمن المعقدة جواز سفر إلى المستقبل بعد تحريره من كل مخلفات الماضي البغيض وآثاره السلبية.
الوطن مساحة كبيرة جدا للاعبين والمتنافسين على خدمته والتضحية من أجله ومؤتمر الحوار الفناء الخلفي الصغير لمن يريد أن يسمو بنفسه فوق صغائر الأمور والنأي عن الحسابات الشخصية والمصالح الأنانية الضيقة والتعصبات الحزبية والجهوية وتدوين اسمه في سجل النضال اليمني الحافل بالمجد والخلود.
حسبكم أيها المتحاورون أنكم ستدخلون التاريخ من أوسع أبوابه منذ لحظة تكليفكم بهذه المهمة التاريخية الصعبة وحتى وضع عجلة قطار التغيير على طريق اليمن الجديد ولأنكم تؤسسون اليوم لميلاد عهدنا الميمون فالتاريخ لن يرحمكم إن تجاهلتموه وحاولتم تزييف أحداثه وتغيير مساره وستحل بكم لعنته وغضبه إلى أبد الآبدين.