“أضـــــــاع العـــــرب البوصــــلة”

أ.د/ عبدالله أحمد الذيفاني

 - الدعوة إلى توجيه ضربة للقطر السوري دعوة إلى تدمير ما تبقى من هذا القطر العربي المهم في خارطة الوطن العربي الكبير وإصابته بمقتل وبما لا يسمح له بالنه
الدعوة إلى توجيه ضربة للقطر السوري دعوة إلى تدمير ما تبقى من هذا القطر العربي المهم في خارطة الوطن العربي الكبير وإصابته بمقتل وبما لا يسمح له بالنهوض وأداء دوره القومي في مواجهة العدو الصهيوني إذ يقف القطر السوري جغرافيا مواجها لهذا العدو.. ثم إن العدوان على سوريا لا يمكن أن يحقق التغيير الذي يتذرعون به فالدروس التي تلقتها الأمة العربية من التدخل الأميركي لا تشير بالمطلق أن هذه الدولة ومن يؤازرها ويسير في فلكها تحرص ولو بحجم الذرة على الحقوق والحريات كما أنها لا يمكن أن تكون حريصة على أمة لا تتردد بوصفها بالإرهاب والتهديد لأمنها القومي ومصالحها في المنطقة والعالم.
ألم يدرك الداعون أن التدخل الصهيو- أميركي في العراق لم ينتج الدولة الديمقراطية ولم يحقق الأمن والاستقرار ولم يثمر في بناء دولة مدنية ولم ينه العنف كما يقولون ولم يسكت الإرهاب ويدفنه كما قيل ولم يخلص في الأخير كما زعموا إلى بناء أنموذج ديمقراطي في المنطقة العربية لا مثيل له… وما حدث فعلا أنهم أخرجوا أنموذجا لا مثيل له يتميز بالانفلات الأمني والقتل اليومي والتكوين الطائفي والصراع المذهبي والفساد وهدر موارد القطر وطاقاته وخيراته وقراره المستقل وأنشئت إقليما كرديا ومزقت بقية العراق بين جنوب شيعي ووسط سني بعد أن كان العراق قطرا موحدا متماسكا ينعم بالأمن والاستقرار و..
ماذا يراد لسوريا من خلال العدوان إن أي تغيير بدبابة أميركية هو تغيير يقود إلى التنازل عن قيم الأمة ومرجعياتها العقدية والعروبية والقبول بسيادة الخصوم وتفتيت القطر ورسم خارطة جديدة له تقوم على الطائفية والمذهبية وبما يعمق الجراحات ويعزز الضعف ويوسع الفجوات ويحول دون أن تعود سوريا دولة موحدة وذات قدرة واقتدار بأي درجة أو مستوى..
إن الجامعة العربية تثبت على نحو دائم أنها جامعة تمرر صيغ المؤامرات على الأمة وتساعد على كل ما يؤدي إلى الإضرار بالأقطار العربية ويعمل على بقاء الأمة العربية أمة ضعيفة مستكينة خانعة تابعة لا حول لها ولا قوة وبما يضمن استمرارية تبعية الأمة للقرار الخارجي وغير قادرة بكل المعاني والأبعاد على التحرر وامتلاك القرار المستقل وبما يترجم الإستراتيجية الأميركية بالمنطقة التي تقوم على تحقيق اختلال في التوازن بين الأمة العربية والعدو الصهيوني لصالح العدو وبما يجعله الأقوى الأقدر الممتلك للقوة بكل أبعادها ولذلك نجد الفعل الصهيو- أميركي على الأرض يسير في هذا الإتجاه يساعده حكام جبلوا على الذل والاستسلام والتبعية.
والناظر لهذا الفعل الصهيو- أميركي يجد أمة ممزقة ضعيفة غير قادرة على تحقيق الأمن لذاتها فكيف يمكن لها أن تعمل على استعادة الحق التاريخي والمكانة التي تستحق في قيادة الكوكب وممارسة حقها في الحياة بقرار مستقل وإرادة حرة معززة بقوة تحميها واقتدار متعدد الجوانب يصونها ويحقق أهدافها..
لقد أضاع العرب البوصلة وضاعوا في متاهة لم يدركوا بداياتها فغابت عنهم محطاتها وتوارت نهاياتها إلى حدود لم يتمكنوا بعد من تحديد آلية الوصول إليها فسلم الحكام أنفسهم للمخرج الأجنبي تحت ذريعة الاستعانة لغرض الوصول إلى النهايات وقامت القوى السياسية بمحاكاة المخرج وتقليده واستعارت شعاراته دون وعي تحت ذريعة المعاصرة والبحث عن أفضل السبل للوصول إلى النهايات وظلت الجماهير الواسعة تموج بين هذا وذاك وفي سياقات أخرى بحثا عن النهايات والمخرج في كل الأحوال يمسك بقوة بالأسرار ويدير الحراك في وطننا العربي كما يشاء وإلى درجة أن صار الحديث عن العقيدة واللغة والهوية بعيدا عن توصياته من الرجعية والتخلف والعودة إلى الوراء.. مع أننا لا ندري ما المقصود بالرجعية والتخلف والعودة إلى الوراء فالحقيقة التي لا غبار عليها أننا أضعنا كل الماضي ودمرنا الحاضر وغابت عنا مدارج الانتقال إلى المستقبل.. والدليل أننا نخرب بيوتنا بأيدينا وأيدي الأعداء والخصوم ونرفع شعارات التحرير التغيير ونطلب من المخرج التوصيف وتحديد البوصلة فلا حول ولا قوة إلا بالله حافظوا على سوريا وارفضوا التدخل الأجنبي وقوموا لأجل أمتكم وعودوا إلى البوصلة الحقيقية التي تحدد اتجاهات سيركم كما ينبغي وكما تريد الأمة ولكم في العراق عبرة يا أولي الألباب.
والله من وراء القصد

قد يعجبك ايضا