آبار جوفية في أحواش المنازل والمزارع الخاصة .. مشاهد الإهدار
محمد العريقي
عندما ندعو لترشيد المياه لا نعني أبدا حرمان الناس من مياه الشرب النظيفة أو الاستغناء عن زراعة المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكه المرتبطة بالأمن الغذائي أو الانصراف عن تنفيذ المشاريع التنموية والسياحية التي تأتي لنا بعائد اقتصادي ومادي تشغل الأيادي العاملة أبدا لانقصد ذلك بل الذي نرمي إليه من الدعوة لترشيد الاستهلاك في المياه هو عدم الإسراف والشعور أن هذا الإسراف والاستنزاف الجائر للمياه يعطل الحياة في عدة مجالات فالحرص على الترشيد في أي مكان يعني توفير تلك المياه المهدرة لصالح احتياجات أخرى وخاصة في قطاع مياه الشرب أو لري محصول زراعي ذات قيمة غذائية مهمة وأيضا وهو المهم إطالة عمر المصدر المائي.
وعند التفكير والممارسة بأسلوب الترشيد علينا أيضا أن نتجه لحصد كل قطرة مياه وتجميعها ولو بأساليب بسيطة عندها نستطيع أن نثبت أننا لا نتعامل مع اليأس والإحباط وإنما مع الواقع فلنحافظ على ما هو متاح ولننمي من خلال حصاد ومشاريع مياه تعظم من الكمية وعندها نؤكد أننا قادرين أن نعيش ونتعايش مع الواقع بالترشيد والتدبير والإنجاز لزيادة كميات المياه.
وهذه الطريقة العملية سوف تقلل من حجم المخاوف من التدهور السريع في مصادرنا المائية.
وهذا الأسلوب يتبع في الكثير من المجتمعات في ظل ارتفاع في تكاليف إنشاء مشاريع المياه فتضطر الكثير من المدن إلى الاتجاه لتبني أسلوب الترشيد في الاستهلاك بدلا من إقامة المشاريع الباهظة التكاليف. كما أن الترشيد والتقنين لا يقتصر على الدول النامية أو الفقيرة في الموارد المائية بل نجده حتى في الدول التي بها بحيرات وأنهار وتكنولوجيا وإمكانيات هائلة مثل الولايات المتحدة. فرئيس بلدية نيويورك مثلا ناشد المواطنين والشركات بالتقليل من استهلاك المياه وذلك بعدما وصلت إمدادات المياه في المدينة إلى أسوأ معدلاتها منذ أكثر من 30 عاما وكان ذلك عام 2003م وحذر من أن المدينة تواجه خطر التعرض للجفاف وأن المخزون المائي تدنى إلى أقل من 40% ووضح كيف يمكن تقليل استهلاك المياه بإتباع أساليب سلوكية ومنها تقليل المدة التي يقضيها الفرد في الاستحمام وملئ أحواض الاستحمام إلى نصفها فقط والحرص على عدم ترك صنبور المياه مفتوحا أثناء الحلاقة وإصلاح أي عطب يؤدي إلى تسرب المياه.
وهنا لن نخوض كثيرا في طرق وأساليب ترشيد المياه فالمعنيون بالأمر يعرفون هذه الطرق ويمكنهم إيصال المعلومات المتعلقة بذلك عن طريق برامج توعية فعالة. فالترشيد يمكن أن يتخذ طرقا وأساليب عديدة ويمكن تحقيقه بكل سهولة ولكن ينبغي أولا الاقتناع الذاتي بأهمية هذا التوجه مهما كانت كميات المياه التي نستخدمها. فالذي نراه قليلا يمكن لنا في حال الرغبة في الترشيد أن نوفر منه الكثير بما في ذلك الاستخدامات الخاصة فمثلا:
طريقة استعمال الخرطوم لغسيل السيارة تستهلك 200-300 لتر من المياه في حين أن غسلها بواسطة جردل ماء سعته 20 لترا فقط يوفر الباقي.
وتسرب المياه من أنبوب مياه منزلي بقطر بوصة يهدر حوالي 25 لترا في الدقيقة الواحدة لذا يجب صيانة الأنابيب.
وتعطل عوامة خزان المياه يهدر 20-25 لترا في الدقيقة وتعطل عوامة السيفون يؤدي إلى هدر ما يقارب 60 لترا في الساعة مما يتطلب تفقدها باستمرار.
والاستحمام بواسطة البانيو (حوض الاستحمام) يستهلك 140 لترا وأكثر في الوقت الذي يمكن استهلاك 20-30 لترا في حالة استخدام الدش وحديقة المنزل يمكن سقيها باستخدام المياه الناتجة عن غسل الخضروات والفواكه.
– ويستهلك الفرد ما يقارب 10 لترات من الماء لغرض تنظيف أسنانه ومثلها للحلاقة لو ترك الحنفية مفتوحة أثناء ذلك مع أنه يمكن استهلاك مالا يزيد عن كوبين من الماء في كل حالة لو استخدم كوبا لهذا الغرض.
– كذلك المياه التي تستخدم وبإسراف لرش الشوارع أمام المحلات والمقاهي يمكن التقليل منها.
– إن الكثير من أصحاب الدخول المرتفعة يمتلكون آبارا في أحواش منازلهم وعماراتهم الكبيرة يستخدمونها لري الحدائق والأشجار والحشائش بأسلوب الغمر الذي يهدر كثيرا من المياه وما يأتي من الشبكة العامة يعتبرونه زيادة.
– كما أن بعض أصحاب المنازل الكبيرة يقومون بشراء مياه رخيصة عبر ربط أكثر من عداد من الشبكة العامة وذلك للاستحواذ على أكبر قدر من المياه لري حدائقهم. والبعض لا يتورع عن استخدام أنابيب أكبر من المواصفات.
– كما نلاحظ في كثير من الأماكن طفح الخزانات المنزلية بسبب عطل العوامة أو عدم وجودها أصلا وهذا يسبب العديد من المشاكل أهمها فقدان كميات كبيرة من المياه ال