عبدالشكور يراقب والديه ¿!
فكري قاسم


أراد أحد الجيران أن يطمئن على ولده من الصحبة البطالة ولم يجد أفضل من أن يربطه بمجموعة تعشم فيهم الخير وخير اللهم أجعله خير.. كلها شهرين فقط حتى وجد الأب نفسه أمام غلام يدعوه لترك المعاصي وبيع التلفاز!
ووجدت الأم نفسها هي الأخرى محاصرة بقائمة مواعظ يومية لا تنتهي عند مسألة صوتها الذي يرتفع حين تنادي جارتها من شباك المطبخ لتسألها عما إذا كان زيت الخروع ينفع لجعل طبق المكرونة يبدو شهيا ويفيد صحة الأولادعلى اعتبارأن أولادها أغلى ما لديها .
من اهم فضائل التيارات الدينية المتشددة هذه انها جعلت الابناء يراقبون آباءهم ويسعون الى تربيتهم بدلا من ان يحدث العكس !
وصار الفتى “عبد الشكور” يراقب والديه وافراد اسرته بالكامل.. يأمر وينهى ولم تعد الجنة تحت اقدام الأمهات بل تحت لحيته المتسربلة بخفة على مساحة من وجهه الذي لم يعد يضحك كما كان لأن كثر الضحك يميت القلب (!).
وبعد عام من ارتباط عبد الشكور ” بالجماعة صاروا يطلقون عليه – يالصلاة على النبي- كنية الشيخ ! الأمر الذي جعله يترك الدراسة للعاطلين ويتفرغ للجهاد ضد العورات .
ذلك السمو الذي حصل عليه كان مغريا جدا ليجعل رتل من الصبيان المتطلعين الى المشيخة السهلة يلتحقون به . وفي مجتمع امي كهذا أي شرف يمكن لجاهل عاطل ان يناله اكثر من أن يحاط بمثل هذه القداسة¿!
الغريب – وماغريب الا الشيطان – مع الوقت راح ” عبدالشكور” يلقي محاضرات وعظ ينصح مستمعيه فيها بألا تغريهم علوم الغرب ولا التطور الذي وصلوا اليه مدللا – بحماس – أن نبينا الأعظم كان أميا لايقرأ ولايكتب(!)
لاحول ولا قوة الا بالله .. لقد فهم الامر كذلك وراح يسوقه للناس .
كثير من هؤلاء الدراويش الذين “نبعوا” الى المنابر – من دون اي مؤهلات علمية اساسا واصبحوا في غمضة عين مشايخ مشائخا يفتون في كل شيء – لايجدون مثالا للمغالطة افضل من ذلك ليقللوا من شأن العلم ويمنحوا أميتهم العمياء سراويل من الرفعة .
حدث مرة ان الغلام إياه جلس إلى شيخه الأمي يحدثه بتباه جم :
الحمد والشكرلله ياشيخ .. لا يوجد في بيتي تلفزيون ولا مذياع ولا ستلايت ولا مجلة ولا صحيفة!
وبعد فترة قليلة اصبح صاحبنا عبدالشكورالذي انقطع عن العالم نهائيا صار شيخا يفتي في امور الخلق والخالق.
بعد سنتين قيل انه بلغ من القداسة مكانا جعله يلعب دور المربي لأطفال الحي إذ أخذ عصاه وراح يضرب طفلا يتيما في الحارة .. ولما نهرته إحدى نساء الحي وهي تقول له :
– حرام عليك تضربه كذا وانت داري انه يتيم ..
ردعليها بجزم :
– وأما اليتيم فلا تقهر. ولاتقهري علوه ! الضرب هو لصالحه لأجل يتأدب ويصلحه الله .
