بـ 50 ألفا !!!!
عبد الرحمن بجاش
كان الزحام شديدا …. وعلي انتظار أحد الأولاد, وقد ركن جانبا ونزل لقضاء غرض ما ليتركني ( أسمع الراديو ولا تقلق ) , لكن القلق تسرب إلى النفس … السنا يمنيين !!!! , ظللت أتفرج للذاهبين الأيبين ,و لو أن لك صبرا لألفت روايات من ملامح الوجوه التي تمر أمامك , للأسف معظمها بل قل كلها تقرأ عليها هموم الدنيا , ملامحهم تنبىء بأشياء أخرى غير الذين يمرون من فوق الجسر , كنت قريبا من الشيراتون !!! . لمحته جالسا على كرسي أحمر بلاستيكي بيده كيس صغير يدخل يده فيه ويخرجها ليست بيضاء بل هو القات !!! , حدثت نفسي ( لا بد أن أنزل لأجلس معه ) , هكذا فضولي ساقني إليه : – السلام عليكم – وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أتفضل أجلس وقام من الكرسي , شميز أبيض مهترىء , وسروال أسود تخيلوه !! والكيس , عاد وبيده كرسي آخر – أهلا ¿¿ – تشتغل هنا¿- ايوه – من أين أنت ¿¿ – من بني شيبه – الشرق وإلا الغرب – الشرق – بلادكم تدخلون لها من الصافيه – لا من جمب لوكندة راوح الدبعي , لكن الطريق الأحسن من السمسرة تذكر الطلعه حق التربه ¿ – ايوه , – والطريق مسفلت ¿¿ – نص الطريق – وتشتغل في هذا الدكان ¿¿ – أيوه عند الريمي – كيف القات من الصبح – يا ابن عمي قليل من حق أمس الله ما أطعمه يشدنا شويه – وين الزبائن ¿¿ – اكه ساعة بساعه – وكم يعطيك راتب ¿¿ خمسين ألف ريال – وهل أنت متزوج ¿¿ وعندي أربع بنات – طيب تكفيك الـ 50 الألف … نظر إلي كانت نظرته تكفي – وكيف تعمل بالمرتب ¿¿¿ – أخذ كل يوم ألف ريال لي وللبنات وأمهم وآخر الشهر أخذ الباقي للإيجار – وما يزيدكش ولا ريال – مرة بعتو ب400 ألف أعطاني ألفا !! – كم لك عنده ¿¿¿ – سنه – وقبلها ¿¿ كنت في الحديدة بمصنع الأثاث لكنه فلس – وبعدها ¿¿¿ طلعتو أونا واشتغلتو باذا الجسر الذي قدامنا لمن اكتسر ظهري من التعب !!!- ويحين سافرت القرية آخر مرة – قبل عشر سنوات وبعدين ما قدرتش !! , كان يحدثني ويبتسم برضى لا حدود له , وأنا أنزل برأسي خجلا أحدث نفسي ( كيف ¿ ) هناك من أولاد الذوات من يخزنون بال50 ألفا يوميا , ووالله إن بعض أولاد ( ……) يخزن القات في فمه لدقائق ويرمي إلى الأرض ليخزن كمية أخرى ليرسل كمية جديدة من السوق ومن يجلس أمامي برضا يصل إلى الـ 50 نهاية الشهر, كان نظري يتوزع بين الشميز والسروال والشمبل ولا أرتفع إلى الوجه , عاد الولد بعد أن تسلم مرتبي من البنك القريب , وبحركة سريعة حاولت أن أدس في يد الشيباني ما استطعت لكنه بكل عزة نفس رفض ورفض … وأنا تصبب العرق يغسل روحي … ظل صوته فقط يدق أذناي ( طيب من أنت ومن أين أنت ¿¿ ) … لم يكن لاجابتي أي فائدة فقد ذهبت … وظلت عبارته تتردد في أعماقي ( مشتيش مستوره ) …. يا رب السماوات والأرض هناك من يعبث , وهذا لا يجد غير الخمسين ألفا ويراها مستوره !! ما أعظم البسطاء , وما وما وما وما ……….حدث هذا عند العاشرة صباح الأمس .