مانشيت وإعلان ومدارس

جميل مفرöح

 - لفت انتباهي وشد توتري مطلع الأسبوع الحالي المانشيت أو العنوان الرئيسي الأول في صحيفتنا الغراء "الثورة" والذي يعلن عن انطلاق الدراسة في جميع مدارس الجمهورية في اليوم التالي الأحد الذي هو الأول من أمس.. فاحتلال هذا العنوان ذلك المكان الهام في الصحيفة يدل في ما يدل في بداية الأمر على الاهتمام الكبير
لفت انتباهي وشد توتري مطلع الأسبوع الحالي المانشيت أو العنوان الرئيسي الأول في صحيفتنا الغراء “الثورة” والذي يعلن عن انطلاق الدراسة في جميع مدارس الجمهورية في اليوم التالي الأحد الذي هو الأول من أمس.. فاحتلال هذا العنوان ذلك المكان الهام في الصحيفة يدل في ما يدل في بداية الأمر على الاهتمام الكبير الذي تلاقيه العملية التعليمية والتربوية في بلادنا وهذا بالطبع قد يحسب ويسجل لصحيفة “الثورة” ويشير إلى أن التعليم يحتل المرتبة الأولى والأولوية القصوى في الاهتمام والعناية.
• ذلك الأمر في الحقيقة أثار اهتمامي وانشغالي ووجدت له الكثير من الأسباب والمبررات المتعقلة والطامحة فأن يحتل خبر انطلاق الدراسة للعام الجديد المكان والمكانة الأهم في أكبر صحف البلاد فهذا مؤشر إيجابي يبعث على الارتياح والتفاؤل وتصور وتخيل ما يمكن أن يترتب على ذلك إن لم يكن في الوقت الراهن ففي مستقبل الوطن الذي ما يزال طوال خمسين عاما يبحث عن لمحة السر التي ستدخله إلى موكب التحضر والتقدم فيما يكمن سر تلك الكلمة المفتاح في التعليم الذي يعد مفتاحا سحريا لكل أسرار النجاح والتقدم والنهوض.
• لقد دافعت عن فكرة إيراد ذلك العنوان في صدر
وصدارة صحيفتنا القديرة واستجلبت من الأمثال والشواهد حتى ما لم أكن أصدقه ومن الأحلام والتخيلات حتى ما لم أكن أؤمن به وذلك ليس إلا دفاعا عن التعليم والتربية كعملية أساسية في بناء الشعوب والأوطان وتجسيد الحضارات المغرقة في التطور نتيجة للاهتمام بهذه العملية الحيوية والتأسيسية الهامة والهامة جدا..واستحضرت كثيرا من المقولات والتجارب حتى أنني اضطررت للجوء إلى الحكم والأمثال القديمة والكلاسيكية والأحاديث النبوية وما تمكنت من استذكاره لأبرر نشوتي وتعصبي للتعليم باعتباره حجر أساس كل منطلق حضاري.
• نعم بذلت جهدا كبيرا في ذلك ونجحت ربما في إقناع من جادلني بأن إيراد ذلك العنوان في ذلك المكان وإحلاله في تلك المكانة عمل حضاري وهو في حد ذاته مؤشر مهم لإعطاء هذه العملية ما تستحقه من اهتمام وتقدير ولقد شعرت أن كل من سيقابلني سيثني على تلك الخطوة الاهتمامية المستبقة وسيتنبه لها ولمعناها أول ما تقع عينه على الصفحة الأولى من الصحيفة.. ولكن تظل “لكن” هذه حجر العثرة وحاجز الطموح لم يأبه أحد بذلك حتى من سألتهم: هل قرأت الصحيفة اليوم¿ لم يبد أي اهتمام رغم إجابته بالإيجابي!!
• حقا لم يكن ذلك رد الفعل أو عدم المبالاة مأتى الصدمة أو الحسرة التي أصبت بها وإن كان قد أحزنني عدم المبالاة والاهتمام بموضوع حيوي وهام كالتعليم ولكن الصدمة والحسرة والألم لمن تخنى ولم تشأ أن انجو منها حين انطلقت بابني وابنتي اللذين لم يناما انتظارا لموعد المدرسة لأجد وإياهما باب المدرسة مقفلا ومزينا بإشعار يشير إلى أن الدراسة ستبدأ في الأسبوع المقبل!! وبالتدقيق في الأمر بعد العودة بالخسران وخيبة الأمل وخلال مروري بأكثر من خمس مدارس في الحي لأجد أن مدرسة مفتوح بابها للطلاب وأخرى مختومة بالتطنيش الأحمر ومدرسة يعلو فيها مكبرات الصوت الخاصة بطابور الصباح بينما الأخرى بدت وكأنها بيت أشباح!!
• نعم خيبة أمل وحسرة وحزن تصيبك حين ترى كيفية التعامل مع هذه العملية الأساسية خصوصا من قبل الجهات والمؤسسات المعنية فلا تجد أمامك غير الانكسار والحوقلة وإشعال فتيل الأمنيات والتفاؤل إذ لم يعد وافرا هذا الزمن سوى تلك المعاني تشجعك على الاستمرار والبقاء.

قد يعجبك ايضا