السلوك العدواني للأطفال جينات وراثية أم صفات مكتسبة ¿

الأسرة/ زهور السعيدي

ليس هناك من عوامل أكثر تأثيرا على سلوكيات وطبائع الإنسان طيلة حياته كتلك التي ترافقه في طفولته .. فإذا كانت البيئة التي يعيش فيها المرء سنوات عمره الأولى سليمة ومثالية فانه ينشأ سويا وصالحا لأسرته ومجتمعه ووطنه وإذا كانت غير ذلك فان النتيجة غالبا ما تكون مؤسفة وكارثية .

وبحسب الدراسات العلمية وتأكيدات المختصين من ذوي الاختصاص فان السنين الأولى في حياة الطفل هي من تشكل سلوكياته وتوجهاته في المستقبل وان الأكثر خطرا على الأطفال عندما يعيشون في بيئة من الصراعات والمواجهات العنيفة حينها تصبح نسبة أن يكونوا أسوياء في ادني مستوياتها بل أن هؤلاء وبسبب ما يحيط بهم من أحداث العنف والاقتتال يصبحون أكثر جنوحا للسلوك العدواني وتتنامى لديهم نزعات الشر والعدوان بمرور الأعوام ..
” الأسرة ” حاولت تسليط الضوء على هذه القضية الهامة وتناولتها من عدة جوانب بما يساهم في توفير الأجواء السليمة لتنشئة الأطفال بصورة سليمة في مجتمعنا ..
معاناة مستمرة
هيفاء محمد ربة منزل لديها 3 بنات وولد ولكنها دوما ما تشكو من طفلها امجد والذي يبلغ من العمر 7سنوات وتقول : اشعر ان طفلي عدواني جدا فدوما يقوم بضرب أخواته اللاتي يكبرنه بسنوات كما انه إذا وجد طفلا فانه يقوم بضربه ودوما يشتكي منه الجيران وكل يوم معنا مشكله بسببه ولا تجده يلعب كالأطفال الآخرين بل يلعب بكل ما هو مؤذي وجارح كالسكين أو المسدسات المختلفة وذات مرة طلبت منه أن يذهب بنفسه إلى المكتبة ويشتري هدية لعيد ميلاد صديقه فإذا به أهداه كرتون العاب فيه مسدس وقنبلة ورصاص ومواد حادة حيث تفاجأ الجميع بهديته والتي تعبر عن عدوانيته والتي حاولت مرارا الخف من حدتها دون فائدة.
أما أمل أمين الفقيه لديها طفل يبلغ من العمر 3 سنوات قالت إن طفلها حسان يظل يبكي طوال الليل دون أن تعرف سبب بكائه وأضافت : ذهبت بطفلي إلى الأطباء وعملت له جميع الفحوصات ظنا مني انه يبكي بسبب مرض أو الم يلم به وإذا بجميع الأطباء يؤكدون بان صحته جيدة ولا يوجد ما يجعله يتألم وبهذا يكون طفلي يبكي فقط نتيجة للعناد فقط لا لشيء آخر فيقوم بضربي وضرب والده والصياح بصوت عالي دون ان اعرف ما الذي يجعله يقوم بهذا التصرف الغريب والذي بات يؤرقني طوال الليل.
مسؤولية عظمى
الطفل يولد كما ورد في الحديث الشريف على فطرة الإسلام الإنسانية السوية ولكن أبويه يكفرانه أو يهودانه أو يمجسانه ” والأبوان يمثلان العنوان الأبرز لبيئة الطفل في البدايات الأولى لحياة المولود وعليهما تقع مسئولية عظيمة في التنشئة المثلى التي يتوقف عليها حياة ابنهما في قادم الأيام .
ويؤكد أخصائي علم النفس التربوي محمد عبدالله سليمان بان الطفل في سنوات عمره الأولى يكون بمثابة ” العجينة ” التي يمكن تشكيلها كيفما نشاء وتوجيهها إلى الطريقة التي نريد لذلك فهذه المرحلة المبكرة من العمر هي الأهم في التنشئة والتربية للأطفال.
ويضيف سليمان الذي اعد دراسة علمية في مجال علم النفس التربوي ونال بموجبها درجة الماجستير من جامعة سودانية بان النزعات العدوانية في سلوك الطفل تتنامى بصورة اكبر عندما يعيش الطفل في مرحلة مبكرة من عمره وسط بيئة عنيفة يسودها الصراع والعنف وخاصة المواجهات المسلحة وغالبا ما يصبح هذا الطفل في قادم الأيام وبسبب هذه البيئة غير السوية عنصرا خطيرا ومهددا لسلامة المجتمع وأمنه بل وحتى أفراد أسرته .
سلوك عدواني
الدكتورة عبير الصنعاني وهي أخصائية نفسية وطبيبة بمستشفى 48 قالت : العنف عند الأطفال هو عبارة عن سلوك عدواني انفعالي ينبع عن ضغوط جسدية داخلية بهدف إلحاق الضرر باي شخص آخر وهو أيضا رغبة الطفل في الاعتداء على الآخرين بأي نوع من الممارسات السيئة ضدهم .كما ان هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى نمو العنف عند الأطفال وزيادة سلوكهم العدواني ومنها عندما يعاني الطفل من التفكك الأسري ومن الحرمان العاطفي كأن يفقد الطفل أمه ويتعرض للمعاملة القاسية فيتولد عنده نوع من الحرمان والذي يتحول إلى سلوك عدواني وحب الانتقام من الجميع وأيضا الأب عندما يضرب ابنه في الشارع أمام أصدقائه وجيرانه فهذا العنف الذي يتلقاه الابن من ابيه يعيش بداخله ويصبح غير قادر على أعطاء الحب والحنان لأبنائه مستقبلا ففاقد الشيء لا يعطيه.
وتضيف الدكتورة عبير أن تعرض الأطفال للتحرش والضرب وسماع العبارات السيئة ومشاهدة أفلام العنف باستمرار والخلافات المستمرة بين الأبوين أمام الأطفال من شانها أن تولد العنف والإحباط لدى الصغار .
حلول ومعالجات
ووضحت الدكتورة عبير بعض المعالجات التي يمكن من خلالها معالجة هذا السلوك العدواني عند الأطفال ومن أهمها معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا السلوك العدواني ومعالجتها وعلى الأسر غرس مفاهيم الحب والتفاهم بين أطفالها وغرس المبادئ الإسلامية وحب الصغير واحترام الكبير وعلى الآباء أن لا ينتهجوا مبدأ العقاب

قد يعجبك ايضا