الشاعر الرائي عبدالله البردوني.. قامة لا تغيب!!
لقاءات/ جميل مفرöح – محمد أبو هيثم

• أربعة عشر عاما انقضت منذ حزم آلامه وأحزانه ومضى.. ولكن هيهات أن يكون لها أو لأضعافها وأضعاف أضعافها أن تملي نسيانه أو توجب تناسيه وهو ذلك الذي ما فتئت صفات الإبصار
vوالإعجاب والإدراك والإدهاش تتقاطر حواليه من كل صوب وكأنها لم تكن أو توجد إلا له.. ولإبداعه الذي شكل- كما اتفق ويتفق الجميع- علامة فارقة في تاريخ القصيدة العربية كلاسيكيها وحديثها..
إنه شاعر اليمن المبصر الأستاذ عبدالله البردوني الذي نتوقف اليوم لنتذكره.. أو على الأصح الذي تستوقفنا تجربته رضينا أم لم نرض شئنا أم أبينا لنتذكره لأنها ليست كالتجارب المارة العابرة التي تحتمل النسيان وتطيق التناسي بل هي تجربة فرضت نفسها باستقلاليتها وتميزها وريادتها لتغدو بها قصيدته مدرسة شعرية لها خصوصيتها وتفردها في الزمن الحديث..
نعم أربعة عشر عاما انقضت ولكن هاهو هذا المبصر المبدع يعود فيولد كل عام وكل يوم وكل لحظة ميلادا جديدا في ذاكرتنا وذاكرة القصيدة وسيظل كذلك عصورا وأزمنة طويلة.. لا لشيء ولكن فقط لأنه فتن بالكلمة وسحرها حتى صار أحد أكبر سحرتها وصناعها..
في هذه المساحة وهذا الموعد نتوقف مليا مع عدد من مهندسي الحرف وصاغة الكلمة لنتذكر هذه الهامة الإبداعية الشعرية الكبيرة ولنذكöر بما تحتله تجربته من مكانة رفيعة وما وصلت إليه قصيدته من مجاهل ومدارك وما حققته هذه التجربة الإبداعية الاستثنائية من فتوحات سماوية لم تكن لغيره.. و… فقط لأنه شاعر اليمن الكبير الأستاذ عبدالله صالح البردوني..
دفقات ضوء
• الأديب عبدالكريم المدي:
لا شك أن رائي اليمن وشاعرها الأكبر الأستاذ “عبدالله البردوني” قد قدم للمكتبة الشعرية العربية والإنسانية الكثير من الإضافات الإيجابية ودفقات الضوء والدهشة.. وبمستويات وأغراض إبداعية.. متعددة وعالية التقنية خدمت- بالفعل- القصيدة العربية ومسارها الفني لعصور قادمة.. على مختلف الجوانب اللغوية والبلاغية والإبداعية والفنية والرمزية.. وعلى الرغم من التزامه بالشكل الخارجي للقصيدة العربية.. الذي نسميه بـ” العمودي” المقفى.. إلا أن نتاجه وتجربته الشعرية والأدبية تعتبر حداثية ومتفردة بكل امتياز.. وفي ظني أنها ستظل كذلك لعدة قرون قادمة بكامل توجهها وحضورها.. مثله مثل “أبو الطيب المتنبي” الذي يعد نتاجه الشعري حداثيا إلى اليوم وملهما لأجيال كثيرة من الشعراء والشاعر الكبير “عبدالله البردوني” وكحالة فارقة واستثنائية استطاع أن يجدöد في مضمون ومفردات وفلسفة وروح القصيدة العربية.. حيث يعتقد النقاد والشعراء المنصفون أنه لا يقل شأنا وحضورا وخلودا عن “المتنبي” بل ربما أن شاعرنا استفاد من العصور والثقافة المتراكمة التي تزود بها وعكسها على نتاجه بأبعاد فلسفية وفنية وحداثية وفكرية.. متقدمة ومختلفة عن “المتنبي” وأدواته ومصادر عصره.. لقد أخلص الشاعر الكبير الأستاذ “البردوني” لكل الأشياء التي آمن بها وفي مقدمتها شعره ونتاجه الأدبي والفكري ويتجلى ذلك في الفنيات والقيمة الأدبية العالية التي تتميز بها نصوصه المتصفة بالديمومة أيضا.. والإنسانية والوطنية.. لقد مثلت قصيدة “البردوني” وما زالت معولا في وجه الفساد والطغيان والجهل.. ووسيلة هامة وقادرة على تعرية كل المظاهر الخادعة والسلوكيات السلبية السائدة التي تمارس من خارج العصر.. كما تميزت بالدعوة الواضحة للبناء والتحضر والعلم والعدالة الاجتماعية بأسلوب أدبي متقدöم وناضج وساخر وظف فيه اللغة بمرادفاتها ومشتقاتها وبلاغتها المختلفة.. بل إنه في نصوص كثيرة يبدو وكأنه تفوق على اللغة ذاتها وعلى علمائها في مختلف العصور من خلال المشتقات اللغوية التي أتى بها.. وكذا توظيفه لها وتلاعبه بمفرداتها التي نراها في العشرات من قصائده.. إضافة لاستفادته من التاريخ وأحداثه المختلفة.. ولنا في قصيدة “أبو تمام وعروبة اليوم” خير دليل على ذلك.
علامة فارقة
الكاتبة والأديبة أسماء المصري:
مما لاشك به أن التجربة الشعرية لشاعر اليمن الكبير عبد الله البردوني تميزت منذ بداياتها بارتباط القدرات الفنية والإبداعية المبكرة للشاعر مع مسيرة حياته الفريدة من النضال والمعاناة .. وبالرغم من معرفتنا الجيدة كيف صقلت هذه الظروف القاسية تجربة البردوني وصبغتها بالواقعية والهم الوطني والمجتمعي إلا أننا نلاحظ جيدا كيف كان هذا الشاعر الكبير يمزج الجدية بالسخرية ويغازل العاطفة والتفاؤل والجمال من خلال بعض قصائده وأبياته . وعلى مدى معرفتنا ببعض التجارب الشعرية الرائعة لبعض شعراء الوطن العرب
