العرب الامتحان الصعب

أحمد الكاف

 -  في ظل جسامة الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية تظل المنطقة على فوهة بركان مدمر قابل للاشتعال في أي لحظة ولا نبالغ أن نقول إن المنطقة اليوم تعيش أخطر ظروف سياسية تمر بها منذ عقود
في ظل جسامة الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية تظل المنطقة على فوهة بركان مدمر قابل للاشتعال في أي لحظة ولا نبالغ أن نقول إن المنطقة اليوم تعيش أخطر ظروف سياسية تمر بها منذ عقود خلت وتمثل جسامة هذه الأحداث آخر مسمار في نعش التضامن العربي المفقود منذ حرب 6 أكتوبر 73 م والذي تلاشى شيئا فشيئا حتى وصل إلى مرحلة الصفر بمعنى الكلمة. كيف لا وما جرى ويجري في المنطقة خير دليل على ذلك ففي الوقت الذي ظهرت القوميات في العالم للتمسك والحفاظ على الهوية القومية لكل الشعوب حدث توازن اجتماعي وسياسي واقتصادي سواء بين دول ما عرف بالشمال الغني والجنوب الفقير عبر ما عرف بمنتدى دافوس الاقتصادي كما حدث توازن سياسي وعسكري ما عرف بالمعسكرين الغربي والشرقي قبيل سقوط الأخير. غير أن قيام تكتلات سياسية واقتصادية حديثة أحدثت أيضا نوعا من التوازن الإقليمي والأممي فعلى سبيل المثال لا الحصر مثل الاتحاد الأوروبي سبيلا لنهضة أوروبا وتقدمها بل وطريقا للوصول إلى وحدتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية رغم تباين العادات والتقاليد والثقافة فإن كانت بريطانيا في السابق تمثل الدولة التي لاتغيب عنها الشمس نظرا لاتساع وانتشار مستعمراتها فإن دولا أوروبية أصبحت اليوم من أشهر الدول إنتاجا زراعيا وصناعيا وتكنولوجيا وغدت أوروبا اليوم تعتمد على نفسها في تنمية اقتصادها بعد أن كانت تتصارع من أجل الحصول على موارد تنموية واقتصادية وغذائية من خارج أوروبا غير أن الخلافات السياسية بين الأوروبيين أيضا تلاشت بعد صراع مرير بين بعضهم البعض سواء إبان ماعرف بمحاكم التفتيش أو حتى إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية وحتى إبان ما عرف بالحرب الباردة.
كما أن هناك دولا كانت أوروبا تعتمد عليها اقتصاديا مثل دول جنوب شرق آسيا والتي أصبحت اليوم تنافس أوروبا في الصناعات الحديثة وتنمية الاقتصاد فاليابان والصين غدتا من أكبر الدول الصناعية أما الهند وماليزيا فقد استفادتا من تلك المشاكل والصراعات التي شهدها كل بلد ولعل عامل الأرض والاستقرار يمثل أهم عوامل التنمية الاقتصادية والمعيشية للشعوب وأفريقيا ليست عنا ببعيد بعد أن كانت مشهدا مأساويا أشبه بماسينا نحن العرب لكن هناك خطوات يسعى إليها الأفارقة ومنها قيام الاتحاد الافريقي والذي يشق طريقه نحو تحقيق طموحات وآمال شعوب القارة السمراء. كما أن هناك دولا سواء في أمريكا الجنوبية أو حتى في دول البلقان والاتحاد الروسي تسعى جاهدة نحو الاحتذاء بالتجربة الأوروبية.
بيد أننا – معشر العرب – كان من المفترض أن نسعى نحو تحقيق توازن اقتصادي وسياسي واجتماعي منذ سقوط آخر خلافة إسلامية عام 1921م غير أن ذلك أصبح غير ممكن في ظل التكالب الدولي على منطقتنا من الكل وأصبحنا ضحايا الائتلافات والاختلافات الدولية رغم توفر كافة مقومات هذا التوازن المنشود فمنطقتنا العربية تمتلك موقعا استراتيجيا في وسط الكرة الأرضية كما تمثل حلقة وصل بين دول الشمال والجنوب وممرا أيضا للتبادل التجاري والاقتصادي بين الأمم وهنا عامل الاقتصاد والتنمية ممثلا في أهم مصدر من مصادر الطاقة اللازمة للصناعة إنه النفط (الذهب الأسود) كما أن عامل الحضارة يمثل ركيزة أساسية من ركائز حضارة الشعوب غير أننا في ظل صراعات بعضنا بعضا فقدنا أهم مصدر من مصادر القوة. إن التضامن العربي أساس الوجود في الحياة البشرية وأساس الأمن والاستقرار بل وأساس الإخاء الأبدى وحسن الجوار فقد مرت منطقتنا العربية بأحداث جسام كادت أن تطمس هويتنا القومية وتشوه سمعتنا ومكانتنا الحضارية وتدمر كل مقومات وجودنا اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا وفي سابقة خطيرة انتقل صراعنا مع أعدائنا إلى صراع بعضنا بعضا وأصبحت مشكلتنا مشكلة وجود لا حدود مصطنعة لكن تظل شعوبنا في نجاح ثورة الربيع العربي والتي شهدت اليوم تآمرا إقليميا ودوليا من خلال تدخلات الغير في شؤوننا الداخلية. وتمثل الأحداث السياسية الحالية التي تشهدها المنطقة خاصة دول الربيع العربي امتحانا صعبا للمنطقة وشعوبها فهل ياترى يتجاوز العرب هذا الامتحان الصعب¿ أم أن ثقافة داحس والغبراء وحرب البسوس ثقافة عربية يتداولها الجميع جيلا بعد جيل.

قد يعجبك ايضا