مقتطفات نجيب محفوظ..

محمد المساح


 - 

 وخفق قلبه فأرجعه إلى عهد بعيد طري طفولة وأحلام وحنان أب وأخيلة سماوية المهتزون بالأناشيد يملأون الحوش..  والله في أعماق الصدور يتردد.. انظر واسمع وتعلم وفتح قلبك..

وإذا بالضوء الصارخ ينطفئ بغتة فيسود الظلام وإذا بالرصاص يسكت فيسود الصمت وكف عن إطلاق النار بلا إرادة وتغلغل الصمت في الدنيا جميعا وحلت بالعالم حال من الغرابة المذهلة وتساءل ولكن سرعان ما تلاشى التساؤل وموضوعه على السواء وبلا أدنى أمل.. وظن أنهم تراجعوا وذابوا في الليل وأنه لا بد قد انتصر وتكاثف الظلام فلم يعد يرى شيئا ولا أشباح القبور.. لا شيء يريد أن يرى وغاص في الأعماق بلا نهاية ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضوعا ولا غاية وجاهد بكل قوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة ليظفر عبثا بذكرى مستعصية وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاه.. بلا مبالاه.
«وصف الحالات.. سعيد مهران.. بطل رواية اللص والكلاب»
> العزاء الحقيقي تجود به ظلمة النصف الثاني من الليل عندما تعزف الأنفاس المترددة ألحانا من الغايات. عندما يسود النسيان المطلق الأرض والأفلاك.. غذاء دسم وراحة أبدية لا كالقلق النشوان وعذاب الوحدة التي تخلفها وراءها إلهام.
> تعب البصر من تفحص الوجوه وشوارع القاهرة الزاخرة بتيارات البشر والسيارات وكأمواج البحر في الأيام العاصفة وسحب الخريف الواردة من الاسكندرية يتبدد أكثرها قبل الوصول إلى سماء القاهرة ولكن ذكريات الاسكندرية مشتعلة أبدا في القلب المنتظر..
من رواية «الطريق» أنفا بعض مقتطفات من روايات الأديب الكبير نجيب محفوظ.. أوردتها مجلة أخبار الأدب القاهرية.. احتفاء ببلوغه العام الثالث والتسعين.. وكما يكتب جمال الغيطاني: عاش نجيب محفوظ مرتبطا بالمكان ارتباطا وثيقا حدود عالمه لا تمتد أكثر من الاسكندرية ولفترة محدودة صيفا.. لكنه اكتشف المكان مستوياته المتعددة الظاهرة والباطنة الواقعية والرمزية وخلق هذه العوالم الرحبة الفسيحة التي تموج بأنواع مختلفة من البشر وعبر سبعة عقود لم يتوقف عن الكتابة وهذه حالة نادرة في الأدب العربي عايش فيها أحوال المكان عبر الأزمنة المتوالية المتعاقبة والعهود المختلفة سياسيا واجتماعيا وعبر الكتابة تدعو قدرته على التجدد الدائم.

قد يعجبك ايضا