ليست بروباجندا
علي العماري
حينما كنا صغارا سمعنا قصصا وحكايات خيالية عن اليهود فقد تم حشو عقولنا الصغيرة الغضة بوصفات وصفات غير دقيقة وعندما أصبحنا كبارا اكتشفنا أننا ضحايا خدعة وأكذوبة كبرى.
قيل لنا أن اليهودي «ذمي» ذليل كذاب خائن غشاش بياع منافق يحب المال وظلت هذه الصورة النمطية الخاطئة مسيطرة على أفكارنا وحياتنا حتى اللحظة.
لكننا في الحقيقة نرى اليوم بنظارة بيضاء «طبعا» واقعا عربيا وعبريا مغايرا لتتضح الصورة أكثر حتى للعميان لنجد أن اليهود قدموا إلى فلسطين من كل اصقاع الأرض والشتات لينخرطوا في مجموعات مسلحة منسجمة وموحدة رغم اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ليخوضوا حرب عصابات منظمة ضد الفلسطينيين ويرتكبوا بحقهم مذابح ومجازر فظيعة ويطردوهم من أرضهم بالقوة والعرب يتفرجون.
وأقام اليهود دولة عصرية على أرض فلسطين المغتصبة فريدة من نوعها انفردت بحيازة السلاح النووي دون سواها من دول المنطقة كما أنها من وجهة نظر غربية الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.. الواقع يروي لنا قصة مأساة احتلال فلسطينين كما هي من دون رتوش بتواطؤ عربي فلسطيني للأسف بالاتفاق مع الحركة الصهيونية العالمية وبدعم من الدول الاستعمارية الغربية وخاصة بريطانيا التي مولت العصابات الصهيونية بالمال والسلاح وسلمت لها فلسطين بعد وعد بلفور بإقامة دولة يهودية على ترابها الطاهر.
وفي المقابل خاض الفلسطينيون مقاومة شعبية بطولية شرسة ضد الغزاة الانجليز والصهاينة معا لكن فصائل المقاومة للأسف وقعت في شرك الأعداء لتنغمس في معارك عبثية ضد بعضها البعض خلفت جروحا كبيرة وانقسامات عميقة وضحايا كثر وأثرت سلبا على قضيتهم العادلة بينما لم تحدث أي مواجهات إطلاقا في صفوف خصومهم الصهيانة حتى يظن المرء أنهم قد حرموا على أنفسهم قتل اليهودي لليهودي ولذلك لم نسمع أن إسرائيليا قتل آخر منذ إعلان دولتهم الغاصبة عام 48 باستثناء حادثة اغتيال اسحاق رابين على يد المتطرف اليهودي عامير.. كما أننا لم نسمع عن يهودي خائن أو عميل للفلسطينيين أو أن قادتهم قدموا تنازلات للعرب مقابل السلام.
إذا الذمي ليس حقيرا أو جبانا والدم الإسرئيلي أغلى من العربي وكذلك الإنسان وعندما تجري عملية تبادل الأسرى معهم الإسرائيلي الواحد مقابل مئات العرب وإذا قتل جندي إسرائيلي قامت الدنيا على حكومتهم ولم تقعد إلا بعد قتل عشرات الفلسطينيين.
وفي حديث الخيانة نتساءل كيف اغتيل ياسر عرفات وأحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وعلي أبو مصطفى ومن سلم أحمد سعدات ومروان البرغوثي لإسرائيل¿
إن تحت ظلال السموات العربية القاتمة بصيص أمل كبير فالكيان الصهيوني يعيش أسوأ حالاته ويعاني من أعراض الشيخوخة السياسية المبكرة نتيجة الهزائم العسكرية التي مني بها جيشه الذي لا يقهر بعدما كسرت المقاومة الفلسطينية واللبنانية اسطورته المزيفة فخرج مهزوما من جنوب لبنان وقطاع غزة وأخذت الأحزاب الإسرائيلية العتيقة تتآكل وتتشرذم إلى عدة أحزاب صغيرة وغيب الموت جل القيادات التاريخيه للحركة الصهيونية المؤسسة لدولة الاحتلال. وتتجلى الأزمة الإسرائيلية أكثر من خلال السقوط المتوالي لحكومات إسرائيل المتعاقبة منذ حوالي عقدين قبل انتهاء فترتها الدستورية لأسباب عديدة ومع ذلك لم يستغل العرب هذه الفرصة السانحة لصالحهم.