دمع من القلب
دكتور ياسين عبدالعليم القباطي

دكتور ياسين عبدالعليم القباطي –
alkobati@yahoo.com
التاسعة والعشرون
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وانتصر عليه وما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية أنس.
(مابش غير سيدي يحيى إماما لليمن )
بعد غربة وشوق للوطن ولهفة عليه صارت صنعاء قريبة منا ولم يبق بيننا وبينها سوى 80 كم وهو مسير يوم واحد لوعورة الطريق وبطء هذه الشاحنة العنتر ناش قوية العزم بطيئة السير تغلبها الطرق غير المعبدة في اليمن لا يوجد طريق معبد غير طريق الحديدة صنعاء الذي أكمل الصينيون العمل به قبل الثورة بسنتين والطريق الذي يصل ما بين مطار تعز وقصر الإمام في صالة.
نومنا في خمر كان في سمسرة ندفع قيمة أكلنا ومنامنا وتستمتع الحشرات من بق وقمل وبراغيث فيها بالسكن وبالوجبات الدسمة من دمائنا دون حساب أو تكلفة ورغم براغيث وبق تلك السمسرة كان النوم عميقا هنيئا بعد ظنك السفر على ظهر تلك العنتر ناش.
في السمسرة تعرفنا على رجل عجوز اسمه حسين العرومة قضينا ليلنا معه في سمر طويل حكى لنا كثيرا عن تاريخ بيت الأحمر الممتد إلى القرن الهجري الحادي عشر خمر هي عاصمتهم وحبور ظليمة هي قريتهم وحصن حبور هو مسكنهم خمر شبه مدينة اشتهر فيها سجن المهلهل الذي هرب منه قتلة الزبيري بجنيهات الذهب التي أرسلها لهم الأمير محمد بن الحسين.
لم تدخل خمر قوات الملكيين منذ قيام ثورة 26 سبتمبر بفضل حماية قبائل حاشد وذي محمد من بكيل التي انضمت للثورة منذ قيامها مستجيبة لأوامر شيخها الشاب عبدالله بن حسين الأحمر الذي أطلقه السلال من سجن المحابشة ثاني يوم للثورة وهو من تولى أمور أسرة بيت الأحمر منذ كان صبيا بعد أن سجن الإمام أحمد والده الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وأخيه الكبير حميد وانتهى سجنهم بإعدام الأب والابن في حجة عام 1959 بأمر الإمام أحمد بعد عودته من رحلة علاج في إيطاليا مصطحبا معه عشرات الجواري والحريم وكثير من الجهاء ومشائخ اليمن.
كان الإمام أحمد رجلا شرسا قاسيا متقلب المزاج يعتقد بأن حميد الأحمر ينازعه الملك.. إعدام الشيخين ساعد على دعم الثورة وعجل بزوال حكم الأئمة. والأعجب أن عائلة الأحمر كان لها الفضل في استمرار بيت حميد الدين في حكم اليمن فقد أيد جدهم ناصر تولي الإمام يحيى الخلافة بعد والده المنصور لأن الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر هو أيضا من دعم الإمام المنصور محمد بن يحيى حميد الدين ليصير أول ملوك بيت حميد الدين وقد اختلف العلماء والمشايخ على شروط البيعة وعدم توريث الحكم في المذهب الزيدي والهادوي فأصر الشيخ ناصر على أن يتولى الإمام يحيى الملك وقال كلمته المشهورة ( مابش غير سيدي يحيى ) وبما أن حاشد وبكيل هما جناحا الدولة الزيدية وبما أن الشيخ ناصر هو شيخ مشايخ حاشد فكان له ما أراد وصار يحيى بن حميد الدين هو الملك بعد والده المنصور منذ 1909 حتى 1948 غير أن الإمام بصلح دعان غدر بالشيخ ناصر بعد توليه الملك بسنتين ففي 1911م أنهى الحرب مع المستعمرين الأتراك فعقد صلح دعان معهم وقال إنهم إخوة مسلمين بعد أن كان يصفهم بأنهم كفار تأويل ووقد كان يقول إن من قتل تركيا يدخل الجنة !! وكان من بنود الاتفاقية (اعتراف الإمام بأن اليمن ولاية تركية وجعل المناطق الجنوبية والمناطق التهامية والساحلية وعاصمتها تعز تحت سيطرة العثمانية والمناطق الجبلية وعاصمتها صنعاء تشكل ولاية تحت سيطرة الإمام يحيى الذي لم يك يفكر بالإقليم الشافعي سوى عند خروج العثمانيين إثر الحرب العالمية الأولى فقد اقنع الأتراك بتسليمه مقابل أن يشكل الجنود والقيادات التركية جزءا من دولته التي عرفت باسم (المتوكلية اليمنية) فنشب الخلاف من جديد بين بيت الأحمر وبيت حميد الدين لأن الإمام لم يتشاور مع قبائل حاشد أو بكيل فالتحق مشايخ بيت الأحمر مع كثير من مشايخ حاشد وأرحب وسفيان بالإمام محمد الأدريس في المخلاف السليماني وهو جيزان وعسير وعاصمته صبياء وناصروا الإدريسي في حربه ضد الأتراك. المخلاف السليماني أسسه سليمان بن طرف الحكمي أصوله من قبائل الحكم في تهامة مفوضا من دولة بني زياد التي أسست مدينة زبيد كعاصمة لها.
أسرة الأحمر تضررت كثيرا من حكم الإمامة فقد قتل الإمام الحسين بن القاسم بن الحسين الشيخ علي بن قاسم الأحمر وقطع رأسه وسلمه لقبائله مع القول المشهور (خذوا رأس صنمكم يا حاشد) وكان الشيخ ضيفا مدعوا للصلح مع القاسم فقتله غدرا في خيمة الضيافة في “بئر الشايف” صنعاء.
أما خلاف بيت الأحمر مع الإمام يحيى فقد توسط فيه العلامة محمد محسن الشهاري ورغ
