برلين عاصمة الوحدة
جمال عبدالحميد عبدالمغني

جمال عبدالحميد عبدالمغني –
* برلين عاصمة الوحدة ورمز العزة والكرامة الألمانية أوشكت محطة برلين أن تلغى من جدول الزيارة لأسباب عديدة منها اقتراب موعد العودة إلى أرض الوطن واقتراب شهر رمضان من الحلول ضيفا كريما على امتنا العربية والإسلامية وغيرها من الأسباب لكن أجندتي الخاصة فرضت علي أن لا أعود إلى أرض الوطن دون الوقوف أما جدار برلين العازل والفاصل أو بالأصح ما تبقى منه تعمد الألمان الإبقاء على جزء من الجدار لتذكير الأجيال بحجم المأساة التي عاشتها الألمان سابقا.
* صحيح أن بداية الزيارة كانت عن طريق فرانكفروت والمغادرة ستكون عن طريق مدينة ميونخ وهما من أهم المدن الألمانية لكنهما لا يعنيان بالنسبة لي الشيء الكثير مقارنة بمدينة برلين وجدارها الشهير التي كانت يوما رمزا للتفرقة والعداوة والمواجهة بين أبناء الوطن الواحد وأصبحت في يوم آخر من أيام العام 1990م رمزا للوحدة والبناء والأخوة قبل ثلاثة أيام من موعد العودة إلى الوطن قررت السفر لبرلين منفردا وكان همي الوحيد أن أعيش الحدث العظيم الذي صنعه الألمان عن قرب والتقاط بعض الصور بجانب ذلك السور الذي هدمه الألمان بأقدامهم ورؤوسهم وعرفوا كيف يتعاملون معه كرمز يحث على الالتحام الأبدي ويحذر من العودة إلى أيام التشظي وإهدار الإمكانيات والطاقات بالإعداد للمواجهة.
* حجزت تذكرة بالقطار بمبلغ يقل عن 200 دولار ذهابا وإيابا والمسافة من وارسو إلى برلين 590كم ولكن صادفتني بعض العراقيل حولت الرحلة إلى خليط عجيب من الفرح والحزن والألم والتعب وتعاسة الحظ لكن الحظ ابتسم لي أخيرا وحققت الهدف من الزيارة خلال يومين والحكاية عند ما غادرت بصحبة سائق السفارة إلى محطة القطار كان الوقت ضيقا والمطر غزيرا فتحت التلفون فوق السيارة فوجدت خدمة النت أو الاتصال منعدمة نتيجة انتهاء الوحدات اشترينا كرت تعبئة على عجل من المحطة لكنه للأسف كان كرتا يخص شركة أخرى أخطأ صديقي عبدالقادر بشرائه فطلبت منه إحضار آخر لكن الوقت لم يتبق منه إلا دقيقة على الانطلاق تمكنا من الصعود إلى القطار على أمل أن أشحن التلفون بالوحدات في القطار والمفاجأة أن التلفون امتنع عن قبول الوحدات مرة أخرى فانقطعت عن العالم طوال الرحلة وكنت قد أخبرت أحد الأصدقاء في برلين مساء اليوم السابق باحتمال وصولي إليه في اليوم الثاني لكن لم أحدد له الموعد وحتى تلفونه لم يكن محفوظا بتلفوني فقط بصفحتي على النت وصلنا برلين فوجدت محطة القطار عبارة عن مدينة مترامية الأطراف متعددة الطوابق والناس فيها كخلية نحل لم أجد صديقي عمار يحيى لأنه لا يعلم بموعد وصولي بالإضافة لوجود أكثر من محطة وصول حاولت الدخول لصفحتي من تلفون شخص آخر دون جدوى نظرا لكثرة المحاولات ركبت سيارة إلى السفارة فوجدتها مغلقة لأنه يوم إجارة وخلال ربع ساعة من التفكير إذا بالدكتور الجامعي أحمد -سوري الجنسية- يفاجئني بالقول هل يمكنني أن أقدم لك مساعدة وفعلا أصر على اصطحابي لمنزله وذلل لي كل الصعاب حتى غادرت برلين إنه ملاك في صورة رجل بل إنه سفارة عربية متنقلة فله مني كل تحية.
