57357¿

عبدالرحمن بجاش


 - لو تسألني: ما أسوأ شيء في  حياتك¿ سأقول وبسرعة: عندما أرى طفلا مريضا وقد نهش جسده أي مرض ولو كان عارضا , فأجمل الأشياء أن ترى أمامك طفلا يبتسم , يضحك ,
عبدالرحمن بجاش –

لو تسألني: ما أسوأ شيء في حياتك¿ سأقول وبسرعة: عندما أرى طفلا مريضا وقد نهش جسده أي مرض ولو كان عارضا , فأجمل الأشياء أن ترى أمامك طفلا يبتسم , يضحك , يمارس شقاوته , يملأ الدنيا صراخا وضجيجا , وعكس ذلك أن ترى مرضا وقد قتل ابتسامته , وحول ضحكته إلى أنين , وشقاوته إلى بكاء متواصل بفعل الألم , هنا تسود الدنيا في عيني وأظل أراها بعين السواد مش بنظارات سوداء!, بل بعين الأمل على أمل قد تراه يذوي أمامك , فما بالك إذا رأيت أمامك وردة يقضي عليها السرطان الخبيث , رأس بلا شعر , وعيون جاحظة, وصوت هو أنين خافت يفجع روحك وأنت تسمعه صادر عن براءة كان يفترض بها أن تملأ الدنيا ضحكا وحبور!, وإذا أردنا أن نقف دقيقة لنسأل عن أرقام الأطفال الذين اجتاحهم السرطان الخبيث فسنفاجأ, ولا أدري هل تمتلك أي جهة إحصائيات للأطفال المصابين , وهل هناك نية لإنشاء مستشفى خاص بمن امتحنهم الله بهذا الداء الخبيث¿, الاحصائيات في هذا البلد هي الشيء الغائب عن حياتنا , برغم كل الضجيج والصراخ , وأيا يكن الأمر فلا يمنع من القول أن الأرقام في تصاعد ما يوجب أن تتضافر الجهود لإيجاد مثل هكذا مستشفى , وإذا سألتني : ما الذي يضايقك هذه الأيام¿ سأقول فورا: المساحة الإعلانية الهائلة على شاشات القنوات المصرية, تحرمك متابعة أي مادة تلفزيونية وتشتت ذهنك , إلا أن بارقة الأمل الوحيدة أو ربما هي اثنتان, الأولى إعلان أحس تجاهه بالامتنان ومستعد لأن أشاهده طوال الليل والنهار هو إعلان 57357 وهو رقم الحساب في كل البنوك المصرية لمن يريد أن يتبرع لمستشفى سرطان الأطفال في مصر حماها الله , والمستشفى يبدو أنه أكبر مستشفى في الشرق الأوسط وبه إمكانيات غير عادية ونسب الشفاء للأطفال فيه عالية, ولأن الشعب المصري يسكن الدين أعماق روحه فتجدهم يتبرعون بسخاء ويظهر في الإعلانات فنانون وصحفيون وأدباء يروجون للمستشفى ويدعون للتبرع أكثر من ظهور أصحابنا السياسيين يحلمون بوطن أفضل من خلال الـ MTN وهم مبتسمون بسعادة وكأن البلد بدون أي مشكلة!, وإذا سألتني مرة أخرى ما الذي آلمك خلال الفترة القصيرة الماضية سأقول لك فورا : إنني لم ادع إلى الحفل السنوي لمؤسسة مكافحة السرطان !!!!! فقط كنت أريد أن أقدم شيئا للأطفال الطيبين , لكن ماذا نقول لمن لا يعرف الناس إلا إذا كانوا على ظهر الخيول!, لنترك همي الشخصي جانبا ونقول للجميع : لماذا لا نبدأ حملة لا تنتهي بانتهاء العرس بل تستمر إلى أن يتحقق المراد , حملة تدعو الناس وأولهم من يذهب إلى أسواق القات تدعوهم للتبرع لإنشاء مستشفى لسرطان الأطفال فليس من المعقول أن يظل مركز الأورام يتحمل هم البلد كله ولا يستطيع بإمكاناته الحالية , وبدلا من إعلانات تدعو الناس إلى التبرع ولا تدري أين تذهب تبرعات الصناديق الصغيرة في المستشفيات العامة وأماكن كثيرة فلتكن هناك صناديق لهذا الغرض , في كل مكان , ونفتح حسابا بنكيا يظل كما هو الحال في مصر طوال الوقت يدعو الجميع حسب قدرته للتبرع من أجل المستشفى الأمل , ونستفيد من التجربة في مصر من الإنشاء كمبنى إلى كل التفاصيل , والله والله العظيم أننا قادرون , بس بشرط أن يتول ما ندعو إليه أناس أمناء يحرمون على أنفسهم أن يحولوا الأمر إلى دولة مثل دولة الزير فنفاجأ بسيارات جديدة ومرتبات عاليه مثل مرتبات (هيئة الفساد ) لتجدنا في الأخير سبب في ثراء البعض على حساب البراءة !! ولن أبدأ بوضع المشكلات قبل الأهم , أقول هل يمكن لأي كان أن يبدأ فقط يسعى لوجه الرحمن بإنقاذ البراءة من هذا الغول الذي يقضي على حياتهم¿ والله لو ترون وأنتم ترون بالتأكيد الفنان المصري احمد حلمي وهو يقول: أنا مستعد لأن أذهب إلى نهاية الدنيا من أجل الأطفال تهطل دمعتك غصبا عنك, وهم في مصر الآن يسعون لإضافة توسعة جديدة , فكما قال حلمي : صعب علينا أن نرى طفلا مريضا وقد أعيد من الباب لأن لا سرير شاغر… , في هذه الأيام الفضيلة أقول : هي فرصة عظيمة وفي ميزان الحسنات أن ننقذ الطفولة البريئة فهل نحن فاعلون¿ أم أن السياسة والتحزب والتراويح والديمقراطية قد أخذونا إلى واد آخر¿ رجاء ليبادر أحدكم.

قد يعجبك ايضا