الشارع وشرعية المستقبل

محمد محمد إبراهيم

 - ما يجري في مصر مؤلم جدا.. ونزيف ينبئ عن مستقبل دام كل قوى سياسية كتبت وتكتب مصائرها بنفسها.. وفي قمة الذكاء السياسي تقع نقطة الضعف التي تهد كل الأحلام ا
محمد محمد إبراهيم –
ما يجري في مصر مؤلم جدا.. ونزيف ينبئ عن مستقبل دام كل قوى سياسية كتبت وتكتب مصائرها بنفسها.. وفي قمة الذكاء السياسي تقع نقطة الضعف التي تهد كل الأحلام السياسية والسلطوية الكبيرة ..
في 25 يناير 2011م خرج الشعب المصري – بجموعة المطحونه التي لا علاقة لها بالسياسة والأحزاب – يريد التغيير بعد ثلاثين سنة من حكم مبارك.. وفجأة وجدت هذه الجموع نفسها في آخر الصف.. فقد اختطفت الصدارة الثورية وركبت موجة الثورة التيارات السياسية المعارضة لمبارك -التي لم تفكر يوما بثورة سلمية- ومن أهمها حزب الأخوان – الذي كافح بالصراع والسلاح وذهب من معركة دموية إلى معركة كلها أودت به من سجن إلى سجن على مدى ثمانين سينة- وفي 25 يناير وجدت هذه التيارات التي تريد السلطة فرصة ذهبية لأن تتحدث باسم الشعب الثائر والهدف السلطة -فقط-.. وتلغي كل نظام ودستور وقانون وقيم وتعلن عن شرعية: ” الشارع خرج”..
ومن هذا القوة والفرصة الذهبية أتتها ضربة المستقبل الأشد إيلاما.. فلم تتوقع أنها تضع سمها في عسل الانتصار.. إذ أن الشعب مستيقظ وكل فرد خلقه الله مستقلا بذاته وبعقله صحيح قد يتعاطف الشخص ويتفانى ويتفاعل مع من يقف إلى جانبه في وقت السأم ومحاولة الخلاص والخروج إلى واقع أفضل لكن ذلك لا يعني إنه يريد عقلا آخر يفكر له نيابة عن عقله أو أن يصدق لمن يحل له اليوم تصرفا وغدا ويحرمه عليه فالشعب وبرغبة جامحة أنهى شرعية مبارك وعمدت هذه الرغبة كل القوى السياسية ليس لخدمة الشعب وانما تحينا للانقضاض على السلطة بشرعية الصندوق ظنا منها أن الشعب لا يعي ذلك مع أن الشعب لم يعد يؤمن أيضا بالصندوق كشرعية تعارف عليها في زمن ما قبل الربيع العربي خصوصا إذا لم تترجم طموحه..
وفي 30 يونيو2013م يخرج الشعب المصري لعزل مرسي لكن خروجه هذه المرة محرما في نظر التيارات التي انتخبت مرسي ومنها تيار الأخوان الذي وصل إلى السلطة بشرعية الصندوق وهي الشرعية التي دمرها وأحل نقضها بالأمس حين قال متفاخرا إن الشارع هو الشرعية وليس الصندوق.. وحين وصل بشرعية الأخير تناسى أن شرعية الصندوق تقتضي رئيسا منتخبا يعبر عن الكل السياسي وليس عن الجزء الذي انتخبه -فقط -أو التيار الذي يتبعه وهكذا شرب الكأس الذي أعد نبيذه بالأمس.
خلاصة القول: إن أحداث الربيع العربي المعمدة بارتياح وخطاب وهتافات كل القوى السياسية التي فشلت في الماضي في الوصول للسلطة بالطرق السلمية وحتى بالديمقراطية وضعت هذه القوى أمام شرعية جديدة “الشارع خرج” و”خروج الشارع يلغي شرعية الصناديق الديمقراطية”.. وهكذا.. وما أكثر العاطلين المستعدين لنزول الشارع.. فسبعة مليون صوت يحصل عليها الرئيس المصري السابق مرسي لا تعني شيئا أمام ثلاثين مليون مصري خرجوا إلى شوارع المدن المصرية لعزله..
فهذه هي شرعية المستقبل التي أنجبها الربيع العربي تصعد اليوم إلى السلطة بالصندوق ليعد لك خصماؤك السياسيون غدا شارع الشعب الحقيقي من الجوعى والمقهورين والعاطلين وليس لهم سبيل على هذا الشارع سوى أنك ألغيت القانون وقيم النظام بمعناه الإنساني المنظم لمسيرة الحياة وجعلت الشارع شرعيتك وحين وصلت السلطة نسيت الشارع واعتبرت الصندوق محكوم بقداسة غيبية أتت إشارة لبداية العهد الجديد على يدك.. هكذا يدخل الوطن العربي مستقبلا سوداويا وبشرعية جديدة “أمة من الغوغاء” على حد تعبير القائد العربي دكتاتور النظام والهيبة العراقية الرئيس صدام حسين المغتال باسم الديمقراطية للشعب العراقي الذي يحصد اليوم خلال الشهر الواحد ما يقرب 2500 قتيل كثمرة من ثمار الديمقراطية.

mibrahim734777818@gmail.com

قد يعجبك ايضا