بين زمنين.. رمضان من الاقتصاد والعبادة .. إلى الهموم والمعاناة!!

استطلاع رجاء عاطف


استطلاع / رجاء عاطف –
لقد طرأ على مجتمعنا الكثير من المتغيرات ما أدى إلى تغير في النسيج الاجتماعي والعادات والتقاليد المتوارثة من قديم الزمان حيث لعبت التكنولوجيا والعامل الاقتصادي وغيرها من الأسباب دورا في هذا الجانب خاصة في ما يتعلق بطقوس الشهر الكريم (رمضان) والذي لم تعد فيه تلك العادات والشعور بقدسية وروحانية الشهر الفضيل كما كان في الماضي فالجميع يفتقد تلك الأجواء والعادات والتقاليد التي تلاشت مع مرور الزمن ..
وفي هذا الاستطلاع نرصد الفرق بين رمضان الأمس واليوم ..فإلى الحصيلة ..
٭ لقد عشنا رمضان في السبعينيات كأحلى لحظات العمر هكذا بدأ الدكتور سمير السدمي- مدير مؤسسة أدوية حديثه وقال: كنا نستقبل هذا الشهر الكريم في الصغر بأن نجتمع في الحارة من 10- 15 طفلا ونقوم بتجميع إطارات السيارات قبل رمضان بيوم أو يومين وعندما يتم الإعلان عن رمضان نقوم بإحراقها والاحتفال وأيضا نقوم ببناء غرفة في الحارة تسمى (محراس) لنجتمع فيها بعد العشاء وكل واحد منا يحضر معه أكلا من منزله ونصنع مائدة لنا جميعا ولم يكن المحراس للأكل فقط بل كنا نستمع فيه للقصص والحكايات الطريفة والمخيفة وكل منا يجود بما لديه وبما يحفظ وكل هذا على نور الفانوس الذي كنا نجمع حتى قيمة (القاز والكبريت) الخاص به وكنا نتوجه من المحراس لنطوف بالحارة مرددين أناشيد رمضان (نمسي) يا رمضان (يا مسا جيت أمسي عندكم – علي علي ياعلي لمه لمه) حيث كان أهل الحارة يرمون علينا من الشبابيك بعض الريالات وأحيانا بعض المكسرات والحلوى وكانت هناك ألعاب نمارسها في رمضان كالزراقيف والأزرار وكان أكثر ما نلعبها في الصباح أما وقت العصر فنذهب للمسجد لحضور الدرس عند سيدنا إلى أن يقترب وقت المغرب فنذهب لنأخذ الفطور ونعود للمسجد ننتظر صوت المدفع لأذان المغرب وكانت المساجد آنذاك تغلق بعد صلاة العشاء مباشرة ولما كبرنا قليلا اختلفت بعض تلك الطقوس فقد كنا نجتمع لمذاكرة الكتب المدرسية في المسجد وكنا نذهب -مجموعة من أبناء الحارة- في نزهة (دورة) إلى حارات أخرى أو مناطق بعيدة وكانت صنعاء حينها غير مزدحمة بالمباني فكنا نمشي من حارتنا (بئر أبو شملة) إلى مستشفى الكويت وكنا نتأثر بالمسلسلات التاريخية والإسلامية التي كانت تأتي في رمضان مثل مسلسل محمد رسول الله فكنا نقوم بصناعة السيوف أو شرائها من سوق المحدادة في صنعاء القديمة حيث كان هناك من يقوم بصناعة سيوف للأطفال وكنا نقوم بتمثيل أدوار أبطال تلك المسلسلات والمبارزة وكنا نودع رمضان كما كنا نستقبله بإشعال إطارات السيارات إعلانا بقدوم العيد وأضاف السدمي: مما أتذكر عن رمضان فيما مضى فقد كان يجتمع الأقارب في كل عائلة كل ليلة في بيت واحد منهم لتناول العشاء والسمر الرجال في مجلس والنساء في مجلس وكانت الموائد عامرة بالبركة والمجالس فواحة بالأنس والروحانية والقلوب يغمرها السعادة والسرور فما أحد منا عاش تلك الأوقات ولم يفتقدها أما الآن فقد تبدلت الأحوال وتغيرت القلوب وطمست تلك الطقوس وحلت نوادي الانترنت مكان ذاك المحراس والألعاب الالكترونية مكان تلك الأزرار والسيوف والانشغال بالبحث عن لقمة العيش ألهانا عن تلك الاجتماعات العائلية كل ليلة وفي كل حال لازال رمضان شهر الخير والبركة ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا صيامه وقيامه ويثبت لنا الأجر فيه وأن يعيده على الأمة الإسلامية وهم في أمن وأمان وصحة وعافية.
الزمن الجميل
٭ ويتفق معه في الرأي يحيى قاسم سرور 50 عاما ناشط يقول: رمضان الأمس كان جميلا بكل ما تعنيه الكلمة ونستعد له من قبل الشهر الكريم حتى بتجصيص البيوت وتجهيز المتطلبات كاملة لهذا الشهر أما الشباب يا فرحتهم مليون فرحة برمضان يا بو الحمايم وادي لنا (شغثه) دراهم هكذا كانت الأمسيات الرمضانية والمساء والسمر والحراق وقتها فرحا بالإعلان عن قدوم رمضان ومن شبابيك المنازل نتسابق على (البقش) الريالات في فرحة وبسمة لا توصف ومرح وسعادة غامرة تملأ القلوب وأما في المساجد في بيوت الله العامرة الكل يؤدي الصلوات الخمس وقراءة القرآن الكريم والجوامع ممتلئة بالمصلين أما الحلويات الصنعانية فهي حاضرة في كل مائدة للبيوت العامرة وفي طيسان مغلقة محكمة نظيفة وليس (مشمعات) أكياس لا تسر الخاطر أما اليوم فالحال تغير والنفوس تغيرت والبسمة اختفت من وجوه الشباب والصغار وصار القلق والحراف إلا من رحم ربي حتى التراحم قل بين الجار والجار أليس الماضي جميلا آه لو حافظنا عليه لكن التطور أحزننا وأبعد عنا الابتسامات.
لا توجد فرصة
٭ وأما أم علي 44 سنة -ربة بيت- فتقول: كنا نستعد لرمضان بتلاوة القرآن الكريم وتهيئة النفس للصوم من قبل في بعض أيام من شعبان ونقوم بتجهيز المجالس لنستقبل فيها الضيوف للسمر وكانت العلاقات الاجتماعية قوية الصلة بين الناس وبين الجار وجاره

قد يعجبك ايضا