بين حركة 48 وثورة الشباب

معين النجري


 - عين النجري
معين النجري –

قال مبصر اليمن عبدالله البردوني وهو يعدد أسباب فشل حركة 1948م في كتابه قضايا يمنية ( لقد اقتحمت جماهير القبائل صنعاء, فرأت المخالب التي كانت تمتصها للإمام هي التي أصبحت مكان الإمام, لأنها حركة الموظفين والمخمنين والقباضين ومحافظي المناطق وحكامها أو بعضهم .. وكل الأيادي التي تخضع الشعب للمقام). يتحدث البردوني هنا عن ثورة 48 أو حركة 48 التي قامت من أجل إسقاط نظام حكم بيت حميد الدين قبل حوالي ستين عاما من اليوم.
لكن ماذا لو خرج شباب ثورة يناير2012م إلى مساحة محايدة وحاولوا النظر بعين صحيحة إلى وجه نظام ما بعد 21فبراير¿ هل سنجد بينهم من يحمل قلب البردوني وعقله وشجاعته ليعيد هذه الجملة ولو على مسامع زملائه فقط, أو حتى ليقر بإمكانية تكررها¿.
اعتقد أن فصل الشعارات الرنانة والشحن العاطفي المبالغ فيه قد اكتمل وتم إغلاقه تماما, وعليهم استعادة عقولهم التي منحوها إجازة إجبارية كل هذه الشهور علها ماتزال صالحة للاستخدام.
لقد أرجع الكثير من المؤرخين المحايدين فشل حركة 48 إلى عدة أسباب لا مجال لذكرها هنا, لأن المساحة والوقت غير مناسبين, لكن الأهم يسكن في تفاصيل ما قاله البردوني . فبعد مقتل الإمام يحيى حميد الدين صدمت الجماهير رغم بساطة ثقافتها و تفكيرها ومعرفتها, بأن أنياب الإمام ومخالبه هي التي تتسيد الموقف, ما يعني أن القادم قد يكون أكثر إحباطا.
حدث هذا رغم أن الشعب كان مقصا تماما ولم يشارك في التخطيط للثورة أو التنفيذ, لقد انحصر العمل الثوري في أبناء الطبقة المخملية حينها سواء من القادة العسكريين أو من أبناء القضاة و السادة وعدد من مشايخ القبائل.
لكن الوضع يختلف تماما في هذه النقطة بالنسبة لثورة الشباب التي تحولت إلى مجرد أزمة بين طرفين سياسيين, فهنا كان الشباب والكادحون من أبناء الشعب بمختلف شرائحه هم وقود الثورة وأبطالها في حين اختفت كل الأسماء اللامعة سواء الحزبية أو ما يسمونها الشخصيات الاجتماعية أو أبناء المشايخ أو رجال المال والأعمال عن الساحة واكتفوا بالظهور عبر الفضائيات بين الفينة والأخرى ليستخدموا الساحات ورقة ضغط على خصومهم, ما يعني أن الصورة في هذه التفصيلية معكوسة تماما.
لنعود إلى نقطة البداية … إلى المساحة الحرة المحايدة التي افترضناها الميدان الذي يطل منه شباب الساحات على واقع اليمن اليوم. وليخبرنا أحدهم عن ملامح الاختلاف أو حتى ملمح واحد يفرق بين وجوه السلطة اليوم بشقيها وبين وجوه أبطال الحركة الدستورية.
قال المفكر الكبير المرحوم عبدالله البردوني في وصفه لأصحاب حركة 48( لعل أكثر المشاركين فيها كانوا أكثر تأخرا من الذين ثاروا عليه وما يزال من ذلك الجيل أشخاص لا تؤدي مقارنتهم بالإمام يحيى إلا إلى الضحك العريض ) لو قرأت هذه الحقيقة على مسامع شباب الثورة من غير المنضمين خاصة الإسلاميين لوجدتهم يقرون بتكرارها معهم اليوم بصورة أكثر بشاعة وإيلاما, ليس لأن أبطال الأمس أقل سوءا من وجوه اليوم, ولكن لأن جماهير الأمس المنصدمة بأسيادها الجدد لم تشارك في العمل الثوري ومع هذا شعرت بخيبة أمل كبيرة وعبرت عنها, بينما جماهير اليوم هي المدبرة والمحركة و الوقود لهذه الأحداث ومع هذا تجد نفسها خارج الحسبة تماما وفي نفس المربع الذي وقف عليه أسلافهم, حتى وإن حاولت السلطة الجديدة إيهامهم بغير ذلك من خلال الوعود والأماني والنزول إلى مخيماتهم لتبادل الجمل والمقترحات المعدة مسبقا بين أطراف سلطة الوفاق وقيادات ما تبقى من المجاميع في الساحات, باعتبار معظم المخيمين الآن في الشوارع وخاصة في ساحة التغيير بصنعاء ما هم إلا مجاميع تتبع أحزابا معينة أو جماعات معروفة ويدارون من مكاتب عبر التلفون.
أما معظم الشباب الأحرار المستقلين صناع الشرارة الأولى وأول المقصيين و المحاربين في الساحات فقد غادروها مبكرا بعد أن أدركوا أن أحلامهم وأمانيهم وتطلعاتهم المشروعة ابتداء بتوفير لقمة العيش وفرص العمل وانتهاء بإسقاط النظام وبناء دولتهم المدنية, دولة النظام والقانون والمساواة, قد تم مصادرتها منهم واستخدمها عدد من أبطال النظام الذي يظل يحكم البلاد 33 عاما وأعاد صياغتها بما يتوافق مع متطلبات المرحلة, وهكذا إعادة ثورة الشباب إنتاج نفس الشخصيات ولكن بحلل زاهية وشعارات ثورية وعقول متعفنة حخننننننننننن.
استعيدوا ما قاله البردوني (لعل أكثر المشاركين فيها كانوا أكثر تأخرا من الذين ثاروا عليه وما يزال من ذلك الجيل أشخاص لا تؤدي مقارنتهم بالإمام يحيى إلا إلى الضحك العريض).
استعرضوا أبرز الأسماء النشطة في ميدان السياسة اليوم أو تلك الوجوه التي تنهمك بعض الأحزاب والقوى السياسية وغير السياسية في صقلها و تلميعها لتتمكن من تقديمها للعرض مستقبلا وستدركون حجم التطابق بي

قد يعجبك ايضا