«فوبيا»الآخر

علي العماري


 - فوبيا الدين السياسي سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو الديانات الأخرى أصبحت بعبع العصر وشبح الخوف من حكم الجماعات والتيارات والتنظيمات ذات الصبغة الدينية
علي العماري –

فوبيا الدين السياسي سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو الديانات الأخرى أصبحت بعبع العصر وشبح الخوف من حكم الجماعات والتيارات والتنظيمات ذات الصبغة الدينية القاسم المشترك لعالم اليوم.. والرهاب من وصول جماعة إخوان مصر إلى السلطة موجود لدى غالبية المصريين منذ أمد بعيد جدا.
الأمر يعود في تقديري إلى سببين اثنين الأول توظيف الجماعة لورقة الدين لصالح مشاريعها الدينية والدنيوية ما أثار مخاوف شريحة واسعة من المجتمع المصري وخاصة القوى اليسارية والجيش والشباب والمرأة والأقليات كالأقباط والشيعة وكذلك الجوار العربي وإسرائيل والغرب.
أما السبب الثاني فمرتبط بإله «بروباجاندا» الإعلام المعادي للنظام السابق الذي تبنى الجماعة واستغلها سياسيا ضد الأحزاب الناصرية والقومية والتقدمية وتخدير الناس بالخطاب الديني لصرف أنظارهم عن قضاياهم وفي ذات الوقت عمد إلى تخويف وتأليب الشعب عليهم.
مبارك ليس الحاكم العربي الوحيد من احتضن جماعة إسلامية ووفر لعملها ونشاطها التربة الخصبة والغطاء السياسي والحماية بهدف الانقضاض والإجهاز على ما تبقى من إرث الناصرية وإنجازات عهد الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر.
الحكام العرب بلا استثناء استغلوا وما يزالون الدين السياسي بواسطة الجماعات المنظمة ورجال الدين وخطباء المساجد والمناهج التعليمية والإعلام بشتى وسائطه ونجحت بعض الأنظمة في إسناد مهمة إصدار الفتاوى والتحريض على العنف والقتل لمثل هذه الجماعات إلا أن بعضها الآخر فشل فانقلب السحر على الساحر بانفراط العقد بينهما ما دفع بعض الجماعات إلى انتهاج العنف وخاصة ضد المصالح الأجنبية.
الدول الغربية مسؤولة أيضا عن بروز ظاهرة الإسلام السياسي في العالم العربي بدعمها وتشجيعها للحركات الإسلامية والدول الراعية لها وتجنيد الشباب العرب والزج بهم في حروب جهادية بالوكالة مثل أفغانستان وباكستان والشيشان والبوسنة والهرسك وهلم جرا والغرض لم يكن لحماية مصالحها الحيوية في المنطقة فحسب بل ضرب وإجهاض الثورات العربية ومشاريع النهوض بأوضاع الأمة ولكن عندما طالت عصا السلطة الجماعات نفسها من دون الجزرة انتهت سنوات شهر العسل للزواج المركب بين ما هو ديني وما هو سياسي وبسقوط ورقة التوت الأخيرة ظهرت على الخارطة السياسية كأكبر قوة معارضة منظمة وقادرة على حشد الجماهير ودفعها إلى الساحات والميادين لتغيير النظام فكان لها أن قطفت ثمار ثورات الربيع العربي سياسيا عبر صناديق الاقتراع لتتربع لأول مرة على كرسي الحكم.
وهذا بالطبع من حق أي جماعة أو حزب ولكن علينا أولا أن نتعلم من دروس وعبر الماضي بحيث لا نقصي أحدا ولا نستحوذ على كل شيء وأن نقبل بالآخر ونحترم خيارات الشعب ونحتكم للدستور ونلتزم بالقوانين ونطبقها على الكبير قبل الصغير ومن المعيب أن نعيد ونكرر أخطاء من سبقونا.
ينبغي على كل القوى الموجودة على الساحة القبول ببعضها البعض كأمر واقع إذ ليس من الحكمة إقصاء القوى الأخرى حتى لو حصلت على ٪100 من أصوات الناخبين لأن دول الربيع العربي الخارجة لتوها من تبعية نظام الحكم الفردي والعائلي المطلق بحاجة ماسة لشراكة سياسية متوازية لعشرين سنة قادمة على أقل تقدير.

قد يعجبك ايضا