من منطöق البسطاء
علي أحمد بارجاء
علي أحمد بارجاء –
< لا ضير أن نجرöب الإحساس ببعض من مرارةö الحسرة لضياع كثير من الأحلام التي كان يحلم بها منذ ما قبل عام 1962م كل اليمنيين الذين يعيشون - جغرافيا اليوم - في دولة اسمها الجمهورية اليمنية. حينها كان شمال اليمن دولة ملكية يحكمها إمام وكان الجنوب مقسما إلى سلطنات واقعة تحت نظام الحماية والاستشارة - مع استقلالها - للمستعمر البريطاني الذي يسيطر على عدن. كان الشعب حينها هنا وهناك يتوق إلى الحرية من كل تلك الأنظمة السائدة ويحلم بحياة أفضل تنتشله من واقعه المتخلöف في كلö شيء ليعيش في ظلö دولة توفöر له أسباب الحياة الكريمة وينعم فيها بخيرات بلاده ليودöع معاناته من الفقر لسنوات طويلة.
لم يكن يجهل هذا الشعب أنه يعيش في وطن ذي حضارة عريقة وتأريخ عظيم وأنه قادر على أن يقيم أعظم دولة مستفيدا من تجارب تاريخه السياسي القديم وكثرة وأصالة طاقاته البشرية وتعدد وتنوع موارده الاقتصادية سواء أظل مقسما في أنظمته السياسية السابقة أم توحد في دولة واحدة وكان سيعيش ويترقى ليصل اليوم إلى حال أفضل بكثير مما وصل إليه جيرانه في الجزيرة العربية والخليج العربي. ولكن يبدو أن سياسيي هذا الشعب لا يقرأون التاريخ ولا يستفيدون من تجاربه!
وقامت الثورة في شمال اليمن وجنوبه وتغيرت الأنظمة السياسية وغربöلت الجغرافيا وانتهى الأمر بتوحد المختلöف في دولة واحدة وظن الشعب أن الحلم الذي طال انتظاره سيتحقق دفعة واحدة لتتحول اليمن إلى جنة أرضية ينبهر بها العالم في كلö شيء. ولكن هذا الحلم أصبح أضغاث أحلام بل أعظم أكذوبة إذ لم يتغير لصالح الشعب شيء عظيم يذكر. فأين أهداف الثورتين المجيدتين¿ وأين الأخذ بالأفضل في الدولتين قبل أن تتوحدا¿ وأين كل كلام جميل ووعد مزخرف أنيق سمöعه هذا الشعب البائس المسكين مما جاء على لسان زعيم ورئيس ووزير من على كلö منبر ووسيلة إعلامية خلال خمسين عاما¿ هذا ما يردöده ويسأله كل مواطن محب لوطنه في نفسه ومع غيره ولكنه للأسف ربما لم يخطر يوما على بال من تولى أمره كل هذه السنوات الطöوال العجاف! وكم من مواطن مات وماتت معه أحلامه¿ وقد جاء بعد الثورتين (الأم والبنت) – كما ينظر إليهما كبار السياسيين – ثورتان أخريان لهما هدف أكبر وسقف يتصاعد يوما عن يوم في نفوس ثوارها المبعدين عن المشاركة في السلطة!
مشكلتنا ليست في الوطن وليست في الشعب وليست في الموارد. مشكلتنا في وجود قöلة متنفöذةö لا تتزعزع ولا تتزحزح شكلت (لوبöيا) عصöيا يستقوي برجاله وظلت تختزل اليمن في نفسها وتسعى من أجل مصالحها فقط وليذهب خمسة وعشرون مليونا يتنفس على أرض اليمن إلى الجحيم. وها هي كما هي منذ نصف قرن لا تزال تتحكم في مصير ومستقبل وثروة وطن يظن شعبه أنه وطن للجميع ولا أحسب أن هذا الشعب سيصبر على المزيد قبل أن يصل إلى طريق مسدود ويبحث لنفسه عن حلول بديلة مجدية وعندها سيرفض كل حلولö الترضية والحلول الترقيعية وأنصاف الحلول ولست أدري فيما إذا كان في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل حل جذري لكلö المشكلات بما يحقöق الحلم القديم الذي نما وكبر ليلحق الوطن بجيرانه الذين سبقوه متجاوöزا مراحل النكوص بقفزة نهضوية شاملة ستكون بحاجة إلى أشبه ما يكون بالمعجزة لإنجازها في الوقت الذي تتنازع الحوار أهواء الفرقاء. والشعب يتمنى أن يتحقق الأفضل ولكنه يخشى أن يتردى الواقع بشكل أسرع مشعöرا الجميع بندم عظيم يوم لا ينفع الندم. وقد خيل براقا لمع.