الأكل والشرب نسيانا
اعداد عبد اللطيف الصعر

اعداد/ عبد اللطيف الصعر –
هناك من يقول أن من أكل أو شرب ناسيا فعليه أن يقضي من هم هؤلاء وما دليلهم وما الصحيح في مسألة الأكل والشرب نسيانا .. أفتونا جزاكم الله خيرا«.
الجواب/هذا هو مذهب الهادويه والمالكية ولهم أدلة وتأويلات لهذا الحديث المذكور في كتاب » شفاء الآدام للأمير الحسين وأجاب عنهم الإمام الشوكاني في روبل الغمام »المحرر« وقد عدت إلى ما قاله الإمام الشوكاني في الموضوع فقد قال في كتابه نيل الاوطار المجلد الثاني صفحة 267 »عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله وعليه وعلى آله وسلم من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله أطعمه وسقاه« رواه الجماعة إلا النسائي وفي لفظ »أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولاقضاء عليه » رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وفي لفظ »من أفطر يوما من رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة« قال الدارقطني تفرد به إبن مرزوق وهو ثقة عن الانصاري لفظ الدارقطني الأول أخرجه من رواية محمد بن عيسى بن الطباع عند أبن عليه عن هشام عن ابن سيرين عنه وقال بعد قوله إسناده صحيح.
وقد أخرج الدارقطني من حديث أبي سعيد مرفوعا »من أكل في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه« قال الحافظ وإسناده وأن كان ضعيفا لكنه صالح للمتابعة ويعتضد هذا الحديث بأنه قد أفتى به جماعة من الصحابة من غير مخالف لهم كما قال ابن المنذر وإبن حزم وغيرهما منهم على وزيد بن ثابت وأبو هريرة وإبن عمر ثم هو موافق لقوله تعالى: »ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبهم« فالنسيان ليس من كسب القلوب وموافق للقياس في إبطال الصلاة بعمد الأكل لا بنسيانه ..انتهى .
وقد ذهب إلى هذا الجمهور فقالوا: من أكل ناسيا فلا يفسد صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة وقال مالك وإبن أبي ليلة والقاسمية : أن من أكل ناسيا فقد بطل صومه ولزمه القضاء وأعتذر بعض المالكية عن الحديث بأنه خبر واحد مخالف للقاعدة وهو أعتذار باطل »الحديث« قاعدة مستقلة في الصيام ولو فتح باب رد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا لما بقي من الحديث إلا العليل ولرد من شاء ما شاء وأجاب بعضهم أيضا يحمل الحديث على التطوع حكاه ابن التين عن أبي شعبان وكذا قال إبن القصار واعتذار بأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان وهو حمل غير صحيح وأعتذر فاسد يرده ما وقع في حديث الباب من التصريح بالقضاء.
قال الشوكاني ومن الغرائب تمسك بعض المتأخرين في إفناد الصوم ووجوب القضاء بما وقع في حديث المجامع بلفظ »وأقضى يوما مكانه« قال: ولم يسأله هل جامع عامدا أو ناسيا وهذا يرده ما وقع في أول الحديث فإنه عند سعيد بن منصو بلفظ »فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : تب إلى الله وإستغفره وتصدق وأقضى يوما مكانه« والتوبة والاستغفار إنما يكونان من العمد لا عن الخطأ والنسيان.
وأما اعتذار ابن دقيق العيد عن الحديث بأن الصوم قد فات ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة »أن النسيان لا يؤثر في المأمورات« فيجاب عنه بأن غاية هذه القاعدة المدعاة أن تكون بمنزلة الدليل فيكون حديث الباب مخصصا لها قوله »