أحمد بن علوان .. الشاعر البليغ والسياسي الشجاع
إعداد عبد الرحمن طاهر معاذ القرشي

إعداد / عبد الرحمن طاهر/ معاذ القرشي –
جوزي اليمن أحمد بن علوان هو أبو العباس صفي الدين صوفي وفقيه وشاعر متأدب وهو أحد أقطاب الصوفية المعدودين في التاريخ الإسلامي وأشهر الأولياء الصالحين في اليمن.. ولد في أوائل القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي وتوفي في 20 رجب سنة 665 هجرية الموافق 17 مارس 1267م حيث دفن في قرية يفرس مديرية جبل حبشي من نواحي محافظة تعز وبات قبره مزارا لمحبيه ومقصدا لطالبي التبرك ببركاته وبني على قبره مسجدا سمي باسمة وبه قبة يقصدها الناس من أماكن بعيدة لا سيما في آخر جمعة من شهر رجب.
الشيخ أحمد بن علوان شاعر فصيح وأديب بليغ وإمام صوفي وسياسي شجاع متجرد قرأ في كتب اللغة العربية والنحو ونظم الشعر كما عمل كاتبا في الدواوين السلطانية للدولة الرسولية وهو نفس عمل أبية قبلة.
والحديث عن ابن علوان يقودنا إلى الحديث عن الصوفية الذي يعتبر ابن علوان من مؤسسيها في اليمن يقول القاضي البهاء الجندي في ترجمته للشيخ أحمد بن علوان: “وقد جعلت هذا الرجل فارس الإعقاب في أهل جبا ونواحيها فليعرف العارف أن غرضي بذلك جعله ختامهم لأن الله ختم الأنبياء بأفضلهم”.. انتهى الاقتباس.
ابن علوان السياسي الشجاع
لأحمد بن علوان مراسلات بليغة مع ملوك عصره وقصائد شجاعة حثتهم فيها على العدل بالناس والنظر إلى أحوالهم والرفق بهم وقد دلت كل مراسلاته وقصائده على الحكمة والشجاعة وغزارة العلم والحرص على مصالح الناس وزخرت مؤلفاته بنفائس اللغة وجواهر من الكلمات ومن تلك المراسلات ما جرى بينه وبين الملك عمر بن علي بن رسول مؤسس الدولة الرسولية وفيها قصيدته التي أوضح فيها للملك الرسولي أوضاع الرعية والدور الذي ينبغي عليه القيام به لإنقاذ رعاياه مما يعانون منه من البؤس والفقر والحرمان فيقول مخاطبا الملك عمر بن علي بن رسول
فانظر إليهم فعين الله ناظرة هم الأمانة والسلطان مؤتمن
عار عليك عمارات مشيدة وللرعية دور كلها دمن
لا تفرحن بجمع المال كيف أتى حاشا وعقلك عقل راجح رصن
هذي تهامة لا دينار عندهم
ولحج أبين بل صنعاء بل عدن
فما ذنوب مساكين الجبال وهم
جيران بيتك والأخلاق والسكن
ترى الألوف ولم تستفت حاملها
أنى له وبأي الحق يختزن
ويؤكد الشاعر الكبير عبدالله البردوني شجاعة ابن علوان وانحيازه إلى الناس بالقول: “لقد كان احمد بن علوان أشجع المدافعين عن الشعب فكيف خرج من غيبوبته الصوفية إلى واقع الناس¿ لعل صوفيته سبب خروجه إلى المباشرة أو لعل الواقع المأساوي نقلة من التذبذب بين الباطن والظاهر إلى الواقع العياني محاولا إنهاض العاثر وكسر سيف الظالم وهذا العمل يستدعي المجابهة المباشرة بديلا عن الاختفاء وراء الأقنعة التعبيرية”.
من هنا تغلب البطل السياسي على التواجد الصوفي (أحمد بن علوان) فكاشف أمراء عصره باستغلال المتسلطين وبحق الشعب عن المسئولين عنه كما في الأبيات السالفة الذكر :
وتمتاز نضالية ابن علوان بأهم المزايا وألمعها وهما:
1- معرفته الثاقبة بأساليب الحكم
2- درايته بواقع المحكومين
ولاشك أنه قد نذر نفسه ودمه للشعب قربانا لحماية إنسانيته إذ لا يمكن أن يتوقع السلامة وهو يجاهر سادة المصالح بمشروعه وليس من عادة السفاحين والسجانين أن ينصتوا لحكمته إلا حين يعجزون عن كل شيء وقد أقدم ابن علوان على الهجومية نيابة عن الشعب ومن أجله ضد المتسلطين واتخذ المباشرة في سياساته بديلا عن التقنيع في صوفياته.
ابن علوان الشاعر الأديب
سمي ابن علوان بجوزي اليمن امتاز شعره بمعانيه العميقة الواضحة فهو يمزج النثر بالشعر في أسلوب شفاف يقول الدكتور عبدالعزيز المقالح في تقديمه لكتاب الفتوح: “هو أول من كتب المبيتات والمربعات والمخمسات في اليمن قبل أن يتلقفها عنه الشعر الحميني والعامي” ويضيف: “بوسعي القول إن هذا اللون من التعددية في قوافي المبيتات المجزوءة لم تكن معروفة في اليمن قبل ظهور ابن علوان”.
ومن المبيتات من شعر ابن علوان
جاءتك هاسون أغصان ياسون
جنوية الجون بيضاء لا جون
حوراء عينا تمشي الهوينا
من طور سيناء بالسر مكنون
كالشمس لاحت بالمسك فاحت
للقلب صاحت فالقلب مجنون
عين المعاني سر المثاني
لحن المغاني أوتار قانون
ومن شعره أيضا
معاني الحب سقياها لمن يعطي عطاياها
معانيها مغانيها ورياها حمياها
أتتك الخود خود الحب تتلوها هداياها
براها الله من نور به فاقت براياها
فكن ثبتا لمرآها إذا أبدت محياها
ومعظم شعر الشيخ احمد بن علوان الذي اشتهر بالباهوت على هذا النحو يقول الأستاذ الراحل عبدالله ا