زخات استقرائية من كفاح سيرة وتجربة الفتيح الإبداعية 2-3

منصور السروري


منصور السروري –

العودة إلى عدن
يعود محمد عبد الباري الفتيح إلى عدن عام 1960م بعد أن مكث عاما في القرية يعود إليها بمستوى معرفي وثقافي أكبر مما كان عليه حين ودعها قبل سنوات ثمان .
وتوا يعود إلى مهنته كأسطى ومتعلم وكشاعر معتبر .
يلتحق بالمناشط والمنتديات الأدبية كشاعر وبالفعاليات النقابية كعامل وينضوي في النقاشات الوطنية والسياسية كسياسي تأطر بحزب الشعب الاشتراكي (فرع حزب البعث باليمن ) الجناح اليساري الذي خرج فيما بعد من جسد البعث باسم حزب الطليعة الشعبية في الشمال والجنوب وبعد ذلك اندمج الفرعين الأول في حزب الوحدة الشعبية مع بقية فصائل اليسار في الشمال والأخر مع الجبهة القومية في الجنوب .. ليندمج الجميع في إطار الحزب الاشتراكي اليمني ( فقط استدللنا بذلك لإثبات نضاله السياسي في إطار الحركة الوطنية ) .
وعلاوة على كل ما سبق أن تناولنا في سيرته كان الأصل فيه أنه خلق ليكون متمردا على ما هو خطأ بطريقته الخاصة .
في هذه الفترة تقوت أواصر العلاقة بينه وبين الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة وإدريس حنبلة وغيرهم من الشعراء وتوطدت علاقته بالفنان محمد مرشد ناجي اكثر واتسمت شعريته في هذه المرحلة بالسمة السياسية المصبوغة بلهجة تعزية لا تتناسب مع القصيدة السياسية الغنائية التي كانت مطلوبة في عدن في تلك الأيام تحديدا وهو ما يفسر عدم غناء الفنان المرشدي له حينها والذي كان يبحث عن قصائد يغلب عليها طابع الفصحى أو اللهجة العدنية ناهيك عن أن مدة إقامته في عدن لم تصل حتى ثلاث سنوات كان يتخللها العودة إلى القرية والمكوث فيها لفترات طويلة خصوصا في موسم الصراب / الحصاد وهي فترة عاشها الفتيح متوزع بين العمل والمثاقفات الأدبية والنضال النقابي والسياسي .
وكانت الأحداث خلال هذه الفترة على اشدها على كل الاتجاهات والمستويات الوطنية والقومية والحركات التحررية تتسع وتتعاظم في أوساط الجماهير الواعية خاصة العمالية ضد الاستعمارين الداخلي والخارجي .
وكان الفتيح واحدا ممن تجرعوا مرارات كلا الاستعمارين وظلمهم وربما من القليلين الذين دفعوا الفاتورة من حياتهم وحياة أهاليهم كما عرفنا في الحلقات السابقة من سيرته الكفاحية .
التنبؤ بثورة سبتمبر
أما عن كيفية تنبؤه عن ثورة سبتمبر بقصيدة الزحف استشفها من الأنباء القادمة من تعز بشكل متصل منذ شهر ( يعني في أغسطس ) 1962 م وكلها تؤكد انفجار الوضع داخل المدرسة الأحمدية في تعز وأن الشباب تهتف ضد الإمام وتناد بالجمهورية وان الإمام أغلق المدرسة على الطلاب الذين يتحدونه وان المواطنين وقفوا بشجاعة إلى جانب أبنائهم وبالذات النساء والتجار الذين بادروا إلى إمداد المعتصمين بالماء والغذاء.
وقد أرخ لتلك الأحداث الأخ العزيز محمد محمد المجاهد في كتابه “تعز غصن نظير في دوحة التاريخ العربي”
وقبل أسبوع تقريبا من ثورة سبتمبر أعلنت إذاعة صنعاء أن الإمام “مات ” .
ويوم 24 سبتمبر أذاع عبد الرحمن جرجرة ــ الله يرحمه ــ بيانا بعد نشرة الساعة الثالثة عصرا ينذر اليمنيين الشماليين بالحبس تمهيدا لترحيلهم للشمال إذا لم يشاركوا بالزحف على المجلس التشريعي للحيلولة دون ضم مدينة عدن للاتحاد السلاطيني .
وكان معي ذلك الرجل العظيم عبد الله علي مرشد .. كتبت بجانبه القصيدة مباشرة بعد استماعنا لبيان ” جرجرة ” .. قصيدة تعبوية تصف هذا التهديد بأنه قيد من القيود أشبه بقانون فيلوز الذي يمنع المظاهرات والإضرابات .. وفي الساعة السابعة مساء توجهنا الاثنان معا إلى ساحة þالمؤتمرات þوهي من القصائد غير المنشورة في ديوان مشقر بالسحابة قلت فيها :
قصيدة الزحف
هم قيدوني وانا من قيدهم با سخر
بازحف وزحف الكادحين هيهات ان يقهر
بازحف وباتحدى الاستعمار والعسكر
بازحف وباتحدى من انكرني واستكبر¿
بازحف لöأني على عيش الهوان ما اقدر
بازحف لأني بشر باقابل الشر بالشر .

ليش باهادن ¿ و ليش باذعن و باتصير¿
وهذي بلادي وانا في خيرها أجدر
والقصر قصري وانا اللي افرش المرمر
وانا اللي ابني الحجر وانا اللي اتكسر
وانا اللي أهده يوم ما اغضب ويوم ما اثأر
على رؤوسهم ومن حذر فقد أنذر

ليتك معي اليوم يا بومبل في المحشر
ليتك تشوف طاقات الجمهور تتفجر
تهتف تردد نشيد صباحها الأزهر

حبي لشمسان ما يوصف ما يتصور
موتي على رمل صيرة حلمي الأكبر

ليش بالبيانات تنذرني وتتبختر ¿
بيانك الزفت عن رأيك
فقد عبر
أما ابن صيرة اخي .. ضلعي اليمين .. ضلعي الأيسر
يرöدنöي .. يهتف
لا شيخي .. لا

قد يعجبك ايضا