حالات ملتبسة.. بإنتظاركم
عبدالكريم المدي

مقالة
عبدالكريم المدي –

مقالة
أن يغرق مجتمع بكامله في بحور التفاصيل والنوافل الصغيرة ليتقاسم أبناؤه فنون الكراهية والتحريض والتشكيك وتبادل التهم وتوزيع إفيون الجهل والفوضى فتلك مصيبة حقيقة ومصيبة أمر وأسوأ وأفظع – أيضا – أن يمارس المثقفون والمفكرون والأدباء والكتاب والأكاديميون فنون الصمت أو التخندق في المحاريب النفسية الضيقة والموحشة للقوى المتصارعة سواء على السلطة أو غيرها .
ما يعني أنه في حالتنا اليمنية – مثلا – يجب أن يبتعدالمثقف بأنفه عن مبخرة الشيخ بما لا يقل عن ( 1000) متر ومثلها عن فتاوى الهارفين بما لا يعرفون وضعفها عن حقول الألغام التي يزرعها لهم السياسيون الذين اوصلوا البلد إلى هذه الحالة المرتعشة والمتعبة..
إن المثقف معني بمكافحة روايات ومساحيق التزييف والتظليل وثقافة الثآرات ومكافآت إكتشاف القتلة ومتعهدي حفلات وصفقات المتاجرة بالبشر والقيم والثروات التي تتجها وتعلن عنها وتتبناها القوى المعادية للنهوض والخير والفضيلة والتعايش والمثقف – أيضا – معني بالإخلاص لقضايا أمته ومجتمعه الشريفة والعادلة والمتعلقة منها تحديدا بالعدالة والحرية والمساواة والتعليم وغيرها ..
من القضايا التي لا يعيرها الإعلام إهتماما ..إلى جانب سعيه الحثيث بالكلمة والموقف والتعبير والحضور والنضال السلمي في إقامة أسس العدل وتصحيح الإعوجاج في الإدارة والسلوك والمفاهيم من أجل إقامة الدولة المدنية الدولة المختلفة القائمة على العدالة الاجتماعية والمعرفة والمواطنة الحقيقية لكل فرد من أفراد المجتمع .
وكونه ليس داعية حرب ولا فرقة ولا تمزق ولا فوضى ولا طائفية ولا عصبية ولا مناطقية فينبغي عليه – إذن- الخروج من عزلته وسلبيته والتعبير عن مواقفه ورؤيته للأشياء وتقديم نفسه بالشكل الذي يليق به كداعية عقلانية ومحبة لأنه معني أكثر من أي شخص آخر في الدفاع عن الثوابت وتبني قيم العصر بكل خشوع ووعي وإيمان وكلامنا هذا ليس إنشاء فله ما يبرره من عدة جوانب منهاتلك الحقيقة التي ترى ان المثقف هو أكثر شرائح المجتمع مقدرة على طرح التساؤلات الجادة وإثارتها كونها مفتاح العلم ومفتاح الأذهان المغلقة ..
ما أود أن أضيفه هنا هو أن المثقف يعد بمرتبة المخلص للناس من قيود الجهل والتجول في براري الماضي وشروطه وتحالفاته غير الشريفة التي تحتكر الإمكانيات والفرص والثروات والإعلام وغيرها لصالحها..كما انه القادر – أيضا – على عبور أزمات مجتمعه والوصول به إلى بوصلته الداخلية أولا : بنقائها ومكنوناتها ..ومن ثم التزود منها للانطلاق من جديد نحو إدارة واعية وجماعية ومتحررة لدفة الحياة..وتطهير الواقع من بقع الزيت وكل المواد القابلة للإشتعال والجنون التي أنتشرت في الأرجاء..
الختام ..إن تخليصنا من جرع الكراهية والجهل التقليدية والموروثة والمكتسبة هي بالدرجة الأولى مسؤلية المثقف الذي يعول عليه الكثير.. والذي وجد للعمل الجاد من أجل تحويل أي صراع إلى تعاون وأي إختلاف إلى تكامل.. وبث النور والمحبة والأمل في نفوس الناس وتعرية القبح والكذب وكل ما يصاحبه من إحتيال غير واعي دائما ماينمو في ظل وجود حالات ملتبسة ومضببة باللايقين كحالتنا في هذا البلد خاصة والمنطقة العربية عموما.