زيöنú حöلالك ولوú ساعة
علي أحمد بارجاء
علي أحمد بارجاء –
< النظافة مظهر حضاري يدل على ثقافة وسلوك الإنسان ويمكن الحكم على رقي الإنسان من مستوى نظافة المدينة التي يعيش فيها فهل الناس في السابق كانوا أكثر حرصا مöنا نحن اليوم في هذا القرن المختلف في كل شيء¿ السابقون الذين عاشوا في مدن ناشöئة كل شوارعها ترابية وصرفها الصحي تقليدي إلا أنها مدن نظيفة ليس لأنهم قليلو العدد آنذاك بل لأنهم لا يرمون مخلفات بيوتهم في الشوارع كيفما اتفق بل كانوا يحملونها لمسافة غير قصيرة ليضعوها في الأماكن المخصصة لها ولا يتركون مياه مجاري صرفهم الصحي تسيل في الشوارع فلكل بيت بيارة خاصة به أو مشتركة لبيوت متجاورة إذ لم توجد حينها شبكة عامة للمجاري وكانت كل أسرة تنظöف دورöيا الشوارع المحيطة ببيتها.
ظلت هذه هي حال الناس في المكلا وسيئون والشحر وتريم وشبام وغيرها من المدن التي أعرفها إلى عهد قريب وهي حال عاصرها من هم مöن جيلنا بل شاركوا فيها أيام الطفولة والشباب كانوا ينظفون بيوتهم ولكنهم لا يرمون بأوساخهم إلى الشارع فللشارع عاما كان أم فرعيا حرمته بل ينظر إليه على أنه جزء من البيوت ونظافته جزء من نظافة البيوت نفسها كانت رؤيتهم للأمر منطلقة من التطبيق لمبدأ أن النظافة من الإيمان وأن إماطة ونزع الأذى من الطريق صدقة بل من الأعمال الصالحة التى يرجى بها الغفران لقوله عليه الصلاة والسلام : “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق”.
ومن حديث أبى هريرة عن النبى – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : “بيúنما رجل يمúشöى بöطرöيق وجد غصúن شوúك فأخذه فشكر الله له فغفر له” وهذا نموذج حي للربط الإيجابي بين القول والفعل فأين نحن من تلك التعاليم السامöية¿ أم أننا أصبحنا غرباء عنها! ومن أمثالنا المأثورة قولهم الذي ينبغي أن يرفع في لوحات كبيرة: “زيöنú حöلالك ولو ساعة” الذي يشير إلى استنكار واستقذار ورفض المكوث في مكان غيرö نظيف ولو لساعة واحدة فكيف يرتضي هؤلاء أن يعيشوا اليوم في بيت وشارع وحي ومدينة غير نظيفة¿!.
كانت هذه الحال سائدة في زمن قبل ظهور المؤسسات المدنية التي أنشöئتú بعد توسع المدن وزيادة عدد سكانها لتتولى فيما بعد مهمة القيام بالنظافة وجمع القمامات وتفريغ البيارات الطافحة وتصريفها بعيدا باستخدام المعدات الحديثة وقبل أن تلزöم هذه المؤسسات المواطöن بدفع رسوم مالية تحت مسمى (نظافة) صرف )صحي) )محلية) وهي رسوم تضاف وتجúبى قسرا من قبل الدولة مع فواتير استهلاك الكهرباء والمياه والهاتف في الوقت الذي تمتلئ فيه المدن بالأوساخ والقاذورات والقمامات ومياه المجاري السائبة في كل مكان وتتعفن ما في القمامات من مكونات عضوية ويصدر عنها الروائح الكريهة وتصبح مرتعا خصيبا للحشرات من ذباب وبعوض ويأتي من يريد بجهل أن يتخلص من ذلك فيشعل فيها النار ليتصاعد منها دخان سام أكثر ضررا على الإنسان الذي هو هدف التنمية و مبتغاها ونفس الضرر يحدث من مياه المجاري الطافحة.
إنها حرب تشن ضد المواطن بل محاولة لإماتته موتا بطيئا ولا ندري إن كانت حربا مقصودة أم غير مقصودة! إن كان الأمر غير مقصود فما السبب في كلö هذا التردöي في الوضع الصحي¿ ولماذا لا تبادر الجهات المعنية – إن كان ثمة من يعúنöيهم هذا الأمر – لحل مشكلات مهندöسي البيئة أو عمال النظافة التي تتفاقم في المحافظات ومنهم عمال النظافة في وادي حضرموت وفي مدينة سيئون تحديدا الذين طالت معاناتهم ونظرا لنظافة هذه المدينة المشهود لها من قöبلö من كتب عنها مöن المستشرقين مثل (فريا ستارك) ونظرا لتردöي مستوى النظافة فيها إلى درجة الصöفر بادر عمال النظافة فيها برفع لافتة في السوق العام في 18 أبريل الماضي يعتذرون فيها للمواطنين عن أي أضرار قد يتعرضون لها جراء تكدس القمامات في الشوارع معلنين عن استمرار إضرابهم حتى يستجاب لمطالبهم ويحصلوا على حقوقهم.
ألا يستحق هؤلاء العمال الكرام في كل البلاد أن يحظوا باهتمامنا¿ فهم والله الوحيدون الذين يعملون بصمت وإخلاص وتفان وحب كي نستريح ونعيش في بيئة نظيفة صحية آمنة.
فكرة :
< ذات مساء حضر محافظ حضرموت الأستاذ عبدالقادر علي