السبب الأوحد للضعف في القöراءة
يكتبها : علي أحمد بارجاء

يكتبها : علي أحمد بارجاء –
> من أهم أشكال التعليم التقليدي الذي يلتحق به الصغار في سن الخامسة والسادسة لتعلم مبادئ القراءة والكتابة والقرآن والسلوك والنظام وتهيئتهم لمرحلة التعليم الابتدائي هو (المöعúلامة) أو (العلúمة). وأهم ما يبدأ الطفل بتعلمه في هذا النوع من التعليم التقليدي دروس (القاعدة البغدادية) الشهيرة التي تعلöم حروف الهجاء وما يلحقها من فتح وضم وكسر وسكون وتضعيف ومد, بأسلوب متسلسل متصاعد من الحرف المفرد فالحرفين فالثلاثة إلى الكلمة فالجملة, عن طريق التهجöي الصحيح السليم. وقد أثمرت هذه الطريقة في سرعة تعلم القراءة الصحيحة وإتقانها ذلك أن مدارس التعليم الابتدائي آنذاك كانت تعتمد في تعليم القراءة على الطريقة الجزئية لكن في ثمانينيات القرن العشرين ضيقت الدولة الخöناق على تلك (المöعلامات) ثم أغلقتها ومنعت ممارستها بشكل علني! إلا أن بعض المعلمين ظلوا يعلöمون في السöرö لأبناء أقاربهم أو جيرانهم في حيطة وحذر شديدين. وبعد تحول طريقة تعليم القراءة والكتابة في التعليم العام إلى الطريقة الكلية المعتمدة على نظرية (الجشطلت) لوحöظ تدنöي وضعف مستوى التلاميذ في القراءة والكتابة وحمل كثير منهم هذا الضعف معهم إلى الجامعة ومن هنا بدأ تدنöي مستوى تعلم وتلقöي التلاميذ والطلاب في كل المواد الدراسية و بخاصة أن فهم كل المواد الأخرى مرهون بقدرة الطالب على إتقان القراءة ومهاراتها أولا وأخيرا. فلكل لغة طرائق هي أجود وأجدى في تعليمها ولكنا مفتونون باتöباع طرائق غريبة عنا لمجرد أنها جاءت من الغرب حتى في تعليم اللغة العربية للناشئة.
ــ ولا أحسب أن مناهج اللغة العربية في التعليم العام اليوم وبخاصة في التعليم الأساسي قادرة على إيصال التلاميذ في وقت مبكر إلى إتقان القراءة والكتابة فهي مناهج ضعيفة في لغتها وموضوعاتها وطرائق عرضها وتدريسها ولا أرى أنها تهدف إلى تعليم و تعلم أصيلين.
ــ سألت طلابي في مستوى متقدم من مستويات قسم اللغة العربية بكلية التربية حين كنت بصدد استعراض (التأريخ الشعري) ضمن الخصائص الفنية للشعر العربي في العصرين المملوكي والعثماني, سألتهم عمن يعرف شيئا عن (حöساب الجمل), وعن أرقام الحروف الأبجدية (أبجد هوز حطي كلمن …) فوجدت أنهم يجهلون ذلك بينما كنا قد حفظناها في طفولتنا قبل أن نلتحق بالمدرسة الابتدائية بعد أن أتممنا دراسة تلك (القاعدة) التي توصöل إلى إتقان التهجöي الصحيح, وكنا شغوفين بقراءة الأبيات الشعرية المنقوشة على جدران المساجد والقباب التي تؤرخ لبنائها أو تجديدها وبخاصة أن الطالب الذي يختار دراسة اللغة العربية وعلومها والأدب في الجامعة لا بد أن يكون قد تشبع أو ألم على الأقل بأساسيات تلك العلوم, وبكثير من المعارف الأولية ومن ذلك قدرته على القراءة والكتابة الصحيحتين السليمتين من الأخطاء النحوية والإملائية بل وقدرته على قراءة الشعر العربي وضبطه بالشكل وفقا لذلك إذ لا يمكن له أن يجتاز مادة العروض والقافية ما لم يتقن هذا الفن.
ــ ولمعرفة خطورة تدني مستوى اللغة في الأجيال المتأخرة فلنأخذ ما يكتب في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت دليلا إذ نجد لغتنا العربية تنحر وتقتل كل يوم تحت مبرöر أنها لغة الانترنت وأنها لغة الهدف منها التواصل السريع ويتحقق منها الفهم بغض النظر عما فيها من أخطاء! بهذه البساطة يبرöر أبناؤنا عجزهم وجهلهم بلغتهم, وهكذا تترسخ صور الكلمات في الأذهان لكثرة ما تراها الأعين هنا وهناك حتى في لائحات المحلات التجارية واللافتات والشعارات.
ــ وأضع سؤالا أترك الإجابة عنه بالإيجاب أو النفي لكل قارئ: هل تتعرض اللغة الإنجليزية للاستخفاف من أبنائها كما نفعل نحن بلغتنا¿ وهل يتسامح البريطانيون ويتقبلون أن يعبث بلغتهم أحد منهم عندما يقرأ أو يكتب¿ اللغة حضارة وهوية لكل أمة, تحافظ عليها وتحرص على سلامتها وبخاصة في المستوى العام أو الرسمي أو الفصيح فكيف ستكون لغة تجاوزت الحضارة والهوية وأصبحت لغة رسالة ودين سماوي هو آخر الأديان الذي ارتضاه الله لخلقه وأنزل به قرآنه, وجعلها لغة الجنة¿ ونحن لا نعلمها كما ينبغي في مدارسنا ليتقنها أبناؤنا!
ــ بهذا أدعو من يهمه الأمر إلى إعادة تدريس (القاعدة البغدادية) ضمن مواد اللغة العربية في السنة الثانية لرياض الأطفال, و في الفصل الدراسي الأول أو
