حتى لا نخرق سفينة وطننا بأيدينا

محمد علي خالد

 - تشير كتب التاريخ وتؤكد مشاهدات الواقع المعاصر على أن الوحدة الوطنية هي عماد بناء الأمم وأساس استقرارها وشرط لازم لبقائها الحضاري والإنساني والجغرافي فضلا عن قوة تماسكها ورقيها
محمد علي خالد –
تشير كتب التاريخ وتؤكد مشاهدات الواقع المعاصر على أن الوحدة الوطنية هي عماد بناء الأمم وأساس استقرارها وشرط لازم لبقائها الحضاري والإنساني والجغرافي فضلا عن قوة تماسكها ورقيها وبوصف الوحدة الوطنية أهم الضمانات التي تكفل التعايش بين الناس ونبذ الولاءات والعصبيات الضيقة وتغليب روح الانتماء للوطن لذا يجب أن تبذل مؤسسات الدولة جهودا مكثفة ومستمرة من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتقوية أواصرها ومجابهة تحدياتها وإزالة مهدداتها. وكما دلت تجارب التاريخ وشواهد العصر على أهمية الوحدة الوطنية فإنها تنذر في نفس الوقت بأن التحديات الخارجية غالبا ما تتحول إلى مهددات داخلية تحاول جاهدة أن تنال من وحدة الكيان وثوابت الوطن ما لم تكن المؤسسات الرسمية والأهلية واعية بارهاصات تلك التحديات وقادرة على رصدها وتملك مفاتيح تحليلها ومن ثم حساب تأثيراتها وتأسيس ما يلزم من البرامج التي تحول التحديات إلى فرص والمخاطر إلى مكاسب والتلقي السلبي لرياح التغيير الموجه إلى التفاعل الإيجابي الواعي لطبيعة المرحلة وآليات المواجهة خاصة إذا وضع في الاعتبار وفي إطار الصراع الدولي دوائر مختلفة تستهدف النيل من الوحدة الوطنية واللعب على أوتارها المتعددة مستعينة بأدوات العصر وتقنياته.
ولا يخفى علينا أن تلك الأدوات والتقنيات صبغت بصبغة الموضة يحرص عليها الكثيرون وخاصة الشباب والنشء واتخذت مسميات «الفيس بوك- التويتر» تدخل في صميم التواصل الاجتماعي ومؤشراته الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية وتتناقل عبرها الأخبار والأفكار والمفاهيم والسلوك والقناعات والممارسات إلى جانب إيجابيتها كتقنية عصرية ودالة معرفية تسكن غرفها مخاطر كأي منتج تكنولوجي له فوائده وأضراره وتكمن أهم مخاطرها في أمرين أساسيين الأول أن نسبة غير قليلة من مستخدمي تلك الأدوات باتت تنظر إلى ما تحمله على أنه حقائق وليست آراء تعبر عن وجهات نظر صحيحة وخاطئة الأمر الثاني للخطر أن آليات السيطرة على تأثيرات الأخبار والأفكار على الأفراد وتصحيح المغلوط فيها عملية بالغة الصعوبة سيما لدى المتلقي الذي في طور التنشئة ولم تكتمل مقومات النضج الفكري لديه كما يمكن من القبول والرفض أو الاتقان والاختلاف في ضوء معايير ومبادئ واضحة فكثيرا جدا ما نسمع من أبنائنا عبارات تؤكد صحة الخبر والفكر لأنها وردت على (النت – الفيس بوك- تويتر) وليس ذلك بعيدا عن جوهر الوحدة الوطنية ومقومات لحمتها حاضرا ومستقبلا ذلك أن التناقضات في الفكر والتفاوتات في الرؤى تمثل مساحة عريضة ومدخلا واسعا للطرح وأحيانا السفسطة التي تشوش الوعي وتهز مكونات الصورة الذهنية.
ولذلك ونحن نتابع في هذه الأيام أجواء الحوار الوطني الشامل فنتذكر ذلك ونعمل جميعا جاهدين على تقوية أواصر الارتباط بوحدتنا كما يجب أن تكون عيوننا ساهرة وعقولنا مشغولة بالتفكير والدراسة الجادة والبحث المتأني في الحفاظ على اللحمة الوطنية وتماسك البنية الاجتماعية من خلال فهم جلي لمفهوم الوحدة الوطنية وأهم أبعادها ورصد العوامل المؤثرة فيها وتحدياتها وتصنيف تلك التحديات حسب مجالاتها ومصادرها وانعكاساتها والتعاون والتكامل الوطني في بحث سبل مواجهتها وتحويل مخاطرها إلى مكاسب من أجل وطن يستحق وشعب جدير بمستقبل تدوم فيه الوحدة.

قد يعجبك ايضا