الحديدة المظلومة

فايز البخاري


 - يمكن لمن يزورها لأول مرة أن يطلق عليها لقب "مدينة المجاري" لمجرد أن تطأ أقدامه أرضها فبعد أن كان يطلق عليها عروس البحر الأحمر أضحت اليوم مدينة الحديدة بؤرة للمجاري
فايز البخاري –

يمكن لمن يزورها لأول مرة أن يطلق عليها لقب “مدينة المجاري” لمجرد أن تطأ أقدامه أرضها فبعد أن كان يطلق عليها عروس البحر الأحمر أضحت اليوم مدينة الحديدة بؤرة للمجاري التي تطفح في كل أرجائها ولم تعد توجد حارة أو منطقة سليمة من هذه المشكلة التي ابتلي بها كل سكان مدينة الحديدة الطيبون.
الحديدة بتاريخها العريق ورحابة صدرها الذي فتحته لكل اليمنيين عن طيب خاطر لا تستحق منا كل هذا الجفاء وهذه اللامبالاة التي يتفطر لها القلب حين يمر المرء بشوارعها التي تستقبله برائحة المجاري الكريهة بدلا عن نسمات البحر العليلة.
هل هو شرط واجب أن تظلم الحديدة مرتين مرة بتهميش أبنائها في الوظيفة العامة والعليا في الدولة ومرة بتسميم هوائها بالروائح الكريهة التي تتسبب كل يوم بالمزيد من الإصابة بأمراض الحمى المختلفة التي تأتي في مقدمتها حمى الضنك والمرض النادر الذي لم تعرفه منطقة أخرى سوى الحديدة والذي يسميه الأهالي “المكرفس” لأنه يجعل المرء ينكمش على نفسه ليصبح مثل كرسي المعاقين مكرفسا.
معاناة الحديدة كثيرة ومتعددة ويكفي أن نشير هنا إلى أن حكومة الوفاق بجلالة قدرها حين اجتمعت فيها لم تبت بقضية واحدة حتى الآن من القضايا التي طرحت على طاولتها وفي المقدمة قضية الأراضي التي استولى عليها الناهبون وكانت سببا في اندلاع شرارة الحراك التهامي الذي يقوى يوما وراء يوم ونخشى أن يأتي اليوم الذي يرتفع بمطالبه إلى مستوى الحراك الجنوبي حين لايجد آذانا صاغية لمعاناته.
مدينة زبيد مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي ومع ذلك لم تحرك الحكومة ساكنا ولم تناقشها في اجتماع حتى من باب إسقاط الواجب .. وبيت الفقيه تشكو الإهمال وقلعتها تبكي تاريخا غابرا وحيس تكاد صناعتها تندثر في ظل الإهمال المتعمد لها ولموروثها وقلاع اللحية والضحي والجاح وموانئ الصليف واللحية والخوخة والفازة لم يعد ذكرها أحد ولم يعرها أي انتباه أما الجزر المهملة فهي قضية أخرى فهي كنز من درر بيد فحام وأعمى أيضا.

قد يعجبك ايضا