أقصر الطرق إلى الوظيفة

حسين العواضي


 -  صار التحليل - مع بالغ الحزن والأسى - مهنة العاطلين.. وصارت القنوات الفضائية تتسابق في اكتشاف محللين سياسيين - عرطة - لا يفهمون شيئا لا في السياسة ولا في آدب الحوار والرأي.
حسين العواضي –

صار التحليل – مع بالغ الحزن والأسى – مهنة العاطلين.. وصارت القنوات الفضائية تتسابق في اكتشاف محللين سياسيين – عرطة – لا يفهمون شيئا لا في السياسة ولا في آدب الحوار والرأي.
> كل مؤهلاتهم ربطة عنق بسبعة ألوان ومترين طول.. وكوت بعشرة أزرار لا تزال ماركة المصنع مثبتة على كمه الأيسر.
> قنوات كسيحة تبحث عن الرخص لا تتحرى ولا تتقصى.. وجل همها أن تشغل الوقت وغايتها أن يتمشى المحلل – مع ميولها السياسية ونزواتها الآنية.. وكثيرا ما نشاهد المحلل يهز رأسه.. ويرقص حواجبه وكالببغاء المرعوش يرد على المذيع في كل كلمة.. نعم.. نعم.. معك حق يا أستاذ.
> وبسذاجة مفضوحة تستغل المشاهد الذي دفعه حظه العاثر لمشاهدتها.. وتمنح الألقاب على شريط الأخبار المحلل السياسي الكبير.. الناشط الحقوقي العظيم.. الضيف المغوار الذي لا يشق له غبار.. في تحليل اليمين… واليسار.
> هذا لا ينطبق على القنوات المحلية التي تقلد بعضها وتجلب المتيسر من – بزغة – المحللين الذين وجدوا في ما جرى موسما للرزق.. والظهور.. والفهلوة.. واستهبال المشاهد – المزنوق – الذي يبحث عن خبر.. ومعلومة وتحليل يفيده.. ويزيح حيرته ودهشته.
> قناة عربية كانت مشهورة ومرغوبة وبعد ان تورطت وتخلت عن مهنتيها لم يعد يشاهدها غير موظفيها ومراسليها خير مثال على ما سبق وما يلحق من النقد الثقيل لهواة التحليل.
استضافت ذات مرة محلل ثلاثة نجوم يرغي ساعات عن اليمن وهو لا يفقه عنها شيئا حتى أنه نسب قبائل شبوة إلى حاشد كلنا أهل وإخوة بس شوف العبقرية التحليلية.
> يفقد المحلل حصافته واحترامه حين يعتقد أن نفاق القناة أو دولتها أو من يمولها أقصر الطرق للكسب والوظيفة والظهور الزائف.
محللون كثر كسبوا المال وحتى الشهرة المؤقتة لكنهم لم يجنوا الشرف والتقدير وسقطوا من عيون المشاهدين حين تخلوا عن الموضوعية والمنهج وصواب المنطق والحجة.
> استغرب ومثلي مشاهدو قنواتنا الفتية أين المتخصصون من أساتذة الجامعات.. والسفراء والبرلمانيين الا يوجد غير هؤلاء السبعة الذين يقرعون ابواب القنوات بلا حياء …. ولا هوية…. ولا مهنية.
> المحلل المجيد مثل اللاعب الكروي المتألق.. وكالفنان المبدع يطرب.. ويقنع يشدك فلا تريد له أن يرحل.. وكلما قاطعه المذيع المستعجل زاد غيظك وغضبك.
> المحلل المتقن كالطبيب الماهر قد يصف لك الدواء المر.. وعباراته قد لا تروقك ولا ترضيك وتوقعاته ليست كلها ساره لكنها حريصة وأمينة.
> يدهشني في التحليل السياسي الثنائي الحصيف على سيف حسن.. وهاشم عبدالعزيز قدرة تحليليه فائقة ذكاء وحصافة.. بساطة.. وموضوعية.
> رغم صعوبة التحليل والتنبؤ في الشأن اليمني.. طلاسم لا تنتهي.. والغاز لا تفك.. تحالفات عجيبة.. وتكتلات غريبة تجمع أقصى اليسار بأقصى اليمين.. ولا يمكن لغير المحلل الماهر أن يغوص في بحرها العميق.
> واحسرتاه بلد مثل اليمن أحوج ما يكون للبحوث والدراسات ليس به مركز يعتد به.. عندنا مراكز أكثر من مزارع الدجاج تدعي أختصاصها في هذا الحقل الشائك لكنها لا تنتج غير تقارير إنشائية سطحية باهتة لا تفيد ولا تغني.
> حان الوقت.. وقد أهدرنا منه الكثير أن يصبح لليمن مركز مرموق للدراسات السياسية والاجتماعية.. فالعالم الآن يمضي على علم ومنهج.. أما طريقة ما بدا بدينا عليه.. فتهوي بنا إلى القاع.
آخر السطور
للشاعر أحمد الشلفي
ليس إلا صديقي
يلملمني
حين تبعثربي الحادثات
وحين تحطمني
يابسات سنيني

قد يعجبك ايضا