تاريخ العالم “المختصر”

عرض خليل المعلمي

عرض/ خليل المعلمي –

صدر حديثا عن سلسلة عالم المعرفة الكتاب الـ”400″ بإخراج جديد ومتميز بعد 35 عاما من التجديد والتغيير في الشكل والمضمون و والتنوع في النتاجات الثقافية صدر كتابا جديدا تحت عنوان “مختصر تاريخ العالم” للمؤرخ البريطاني “إي اتش غومبريتش” وترجمة الدكتورة ابتهال الخطيب.
ويأتي هذا الكتاب والذي يحتوي على أربعين فصلا في نص قصصي مشوق وأكثر ما يميزه أنه يخاطب العقل الجمعي للناشئة العرب يتضح ذلك من خلال أسلوب التشويق في عرض المعلومات واستخدام لغة مبسطة وسلسة تصل إلى قارئه المبتدئ وتبقيه مهتما بمادة الكتاب.
وما يميز النص السردي المتواصل للكاتب كما تقول المترجمة في مقدمتها هو قدرة الكاتب التي تجلت في طياته على ربط الأحداث والأسماء وطرح التشبيهات التي قد تتباعد مئات السنوات بعضها عن بعض وهذه التشبيهات والمحاولات المستمرة لربط التاريخ البشري من أوله إلى آخره بحلقات الأشخاص والأحداث إنما تجعل النص أكثر تشويقا وإثارة وترفع من قدرة القارئ على تذكر الأحداث وربطها واستيعابها بصورتها الكبيرة الموسعة.
وأكثر ما يلفت القارئ لهذا الكتاب هي عناوين فصوله الأربعين المميزة فهي لا تعبر عن فترات تاريخية بعينها ولكنها تعبر عن قصص تاريخية تجذب القارئ بكل حواسه للاستمتاع مع قصة طويلة هي قصة التاريخ.
والمؤلف يبدأ مع بداية الحياة قاص الحكاية من أولها مؤكدا أنه في الواقع لا أول لهذه الحكاية فلكل بداية بداية أخرى أقدم منها من هذا المدخل التشويقي المثير فينطلق المؤلف ليحكي عن أشكال الحياة الغابرة المختلفة من ديناصورات وغيرها مرورا بالأنماط البشرية المتباينة التي كانت تحيا على الأرض سابقة الجيش الإنساني الحالي ثم ينطلق المؤلف ليحكي قصة الحضارة البشرية بدءا من قدماء المصريين ومرورا بالسومريين والبابليين والآشوريين ومن ثم يستعرض كل الحضارات التي تزامنت مع هذه الحضارات الأولية الغابرة أو توالت بعدها ومن خلال السرد القصصي المشوق لتاريخ العالم “المختصر” هذا يلقن المؤلف القارئ دروسا أخلاقية رفيعة.. مشيرا إلى شرور البشرية وخيرها.. مستعرضا التقلبات التاريخية بين أزمنة الانجازات والابتكارات البشرية وبين تلك الفارقة في الحروب والصراعات الدموية كما يمر المؤلف على العديد من اللحظات الحاسمة في التاريخ البشري ويأتي على ذكر أسماء القادة والعلماء والمفكرين الأكثر تأثرا خلال هذا التاريخ.
يختتم الكاتب هذا النص التاريخي الرقراق باعتذارات وتعديلات أضافت قيمة كبرى ودرسا مهما للنص الأساسي للكتاب ففي الفصل الأربعين والأخير يعود الكاتب ليراجع نفسه أمام قارئه بأنه في أحيان لم يتأكد من معلومة تاريخية جزمت ذاكرته بحقيقتها وأثبتت له الوقائع غير ذلك وبأنه في أحايين حاد عن الحكم الصحيح بسبب ضبابية الموقف وضيق الصورة غير أن اختياره أن يضيف هذه التعديلات حاليا للقراء عن طبيعة النفس البشرية مقرا بتحيزاتها وضيق أفقها.
وينتهي الفصل الأخير بدرس محبب من الكاتب عن تطورات العصر الحديث وتأثير هذه التطورات على طبيعة المسيرة البشرية وعلى رؤيتنا الحالية لها.

قد يعجبك ايضا