الصيادون في المصيدة
صولان صالح الصولاني
صولان صالح الصولاني –
خياران لا ثالث لهما أمام صيادي الأسماك في بلادنا هذه الأيام وذلك لمقابل مزاولتهم لمهنة الاصطياد السمكي التي يعملون بها منذ نعومة أظافرهم في مياه وشواطئ البحرين الأحمر والعربي المطلة عليهما بلادنا من جهتي الجنوب والغرب فإما أن يمارسوا عملهم اليومي المعتاد في مجال الصيد بمحاذاة السواحل اليمنية دون أن يتجاوزوا بقواربهم التي يصطادون من على متنها مسافة الكيلومتر عن اليابسة ويضمنون لأنفسهم وقواربهم العودة مع نهاية كل يوم إلى أهلهم وأسرهم سالمين ولكن غير غانمين لأن الحصيلة اليومية التي سيصطادونها من الاسماك بمحاذاة السواحل ستكون ضئيلة وغير كافية بالقدر الذي يحقق الهدف الذي ذهبوا لأجله والمتمثل في تأمين الدخل المعيشي اليومي الذي يعولون به أسرهم وإما أن يتجاوزوا بقواربهم مسافة الكيلومتر عن السواحل حيث يجدون الاسماك متوفرة بكثرة ويعرöضون أنفسهم وقواربهم للخطر الذي يتربص بهم شرا في أية لحظة ليس بسبب تماسيح أو حيتان وأسماك القرش وما سواها من حيوانات البحار المفترسة والآكلة للحوم البشر ولا بسبب الأمواج والأعاصير والكوارث البحرية الطبيعية بل يكمن السبب الحقيقي وراء ذلك الخطر في أن هناك من بني البشر من وجدوا في صيادي بلادنا وقواربهم صيدا سهلا لا يتعدون كونهم من جنود قوات خفر السواحل »السمر« الساهرين على أمن البحار والمحيطات المنتمين لبعض دول الجوار البحري من القرن الافريقي والذين بمجرد ما يقع الصيادون اليمنيون أمام ناظريهم سرعان ما يهبون للإمساك بهم واحدا تلو الآخر ومن ثم وضعهم في اقفاص الاتهام من حينه إلى أجل غير مسمى أما قواربهم التي ناضل كل واحد منهم من أجل الحصول على قارب الصيد خاصته طوال حياته بغية العمل بواسطته ومن خلاله على تأمين وتوفير احتياجات ومتطلبات أسرته التي يعولها فمن لحظة الإمساك بهم وهم على متنها إلى أن ينتهي بهم العمر إن كتب لهم عمر أصلا خلف قضبان السجون تسقط ما بين الصياد وقاربه منهم صفة المالك والمملوك والحق وصاحب الحق دون أي مسوغ قانوني.. لكن إذا عدنا إلى الواقع قليلا سنجد أن قوارب الصيد لا تمثل بالنسبة لأصحابها أيه أهمية أو قيمة تذكر طالما وهم يقبعون في سجون أشبه بمعتقل جوانتانامو من حيث عدم إجراء أي محاكمة للسجين ومكوث السجين فيها يطول لأجل غير مسمى حسبما يؤكد أحد الصيادين اليمنيين الناجين بأعجوبة وذلك أثناء عودته إلى أهله ووطنه التي وصفها بالمستحيلة بعد أن قضى حوالي العام والنصف خلف قضبان أحد السجون في ارتيريا ولو لم تكن مستحيلة لما كان الخروج المبكر من قفص الاتهام ولما كانت العودة بأمان بهذه الصورة والكلام طبعا يعود لصاحبنا الصياد الذي ذهب في أحد الأيام كالمعتاد للاصطياد فانتهى به المطاف وقاربه الوقوع في المصيدة.
وفي الأخير يبقى لأسر الصيادين اليمنيين المجهولي الهوية الحق في أن تتساءل حول مصير من يعولونها ومن حقها أيضا أن تحمل الدولة مسؤولية البحث عنهم.