هوية الدولة

عبدالله السالمي


 - بالقدر الذي يكون فيه المواطن شريكا في المنافع التي توفöرها الدولة يتحدد نوع صلته بها ومستوى انتمائه إليها. وكما هو معلوم فإن المنافع المرتبطة بوجود الدولة لا تقتصر فقط على الجوانب السياسية والاقتصادية
عبدالله السالمي –

بالقدر الذي يكون فيه المواطن شريكا في المنافع التي توفöرها الدولة يتحدد نوع صلته بها ومستوى انتمائه إليها. وكما هو معلوم فإن المنافع المرتبطة بوجود الدولة لا تقتصر فقط على الجوانب السياسية والاقتصادية التي يعبر عنها عادة بـ«الشراكة في السلطة والثروة» فهذا النوع من المنافع إنما يصب في اتجاه تحقيق الغاية الجوهرية من مفهوم «العقد الاجتماعي» الناظم للأفراد القابلين به في رابطة سياسية واجتماعية يشار إليها بـ«الدولة».
أما ما هي طبيعة هذه الغاية الجوهرية¿ فإنها في العنوان العام تتلخص في حاجة الإنسان إلى الشعور بالأمان في مجتمع تسوده العدالة إذ أن من شأن هذا الشعور إكساب الفرد هوية تشاركية يطمئن معها إلى اتصاله بالنسيج الاجتماعي بوصفه عضوا فيه يفاخöر بالانتماء إليه. ويغدو من الطبيعي والحال هذه أن يحرص الفرد على استمراره داخل دائرة الرابطة التي تتيح له حياة آمنة مستقرة بقدر حرصه على استمرار هذه الرابطة وتمتين أواصرها.
إن من أهم معايير خيرية الدولة اجتذابها مواطنيها مهما تعددت هوياتهم الفرعية إلى هوية تشاركية جامعة يصúدر عنها جميع أفراد المجتمع ويتوجه إليها ولاؤهم وانتماؤهم.
ويأتي التأكيد على هوية الدولة وضرورة أن تتسع لجميع مواطنيها في الصميم من اشتراطات العدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في الدولة الحديثة لأن اتساع هوية الدولة لجميع مواطنيها هو المعنى المرادف لإشراكهم بإنصاف في المنافع السياسية والاقتصادية المترتبة على انتمائهم إليها وهي منافع كلما عمدت الدولة إلى ضمان إشراك مواطنيها فيها وفق تدابير وسياسات عادöلة ومنصöفة فإنها تكون قد أكسبتهم الشعور بأهمية ما يعنيه الانتماء إلى الهوية الوطنية.
وعلى العكس من ذلك كلما عمدت الدولة إلى إيثار أفراد أو فئة أو فئات من مواطنيها بالسلطة والثروة وحرمان واستبعاد بقية المواطنين فإن انصراف هؤلاء الأخöيúرين عن هوية الدولة وذهابهم في مسالك شتى بحثا عن هويات ما قبل الدولة سلوك مفهوم ويسهل تفسيره. ذلك أن الإنسان بما هو كائن اجتماعي يجد نفسه وقد تم استبعاده من دائرة الانتماء إلى هوية الدولة مضطرا للانزياح إلى هوية عصبوية بديلة (أكانت دينا أو مذهبا أو طائفة أو قبيلة أو إثنية ) في محاولة منه لتعويض ما يفوته جراء استبعاده من قöبل محتكöري السلطة والثروة من الانتفاع بالانتماء إلى الدولة وحمúل هويتها.

قد يعجبك ايضا