رويبضة اليوم .. عواقب ودروس

جمال الظاهري


 - 
الدين السياسي مصطلح انتشر في الآونة الاخيرة وصار له حضور قوي على الساحة السياسية وخاصة في منطقتنا العربية, هذا ليس بالامر الجديد .. بل ان التاريخ قد سجل لنا نماذج كثيرة عن هذا النوع من التدين الذي يكرر نفسه اليوم, وبحضور قوي وخاصة
جمال الظاهري –

الدين السياسي مصطلح انتشر في الآونة الاخيرة وصار له حضور قوي على الساحة السياسية وخاصة في منطقتنا العربية, هذا ليس بالامر الجديد .. بل ان التاريخ قد سجل لنا نماذج كثيرة عن هذا النوع من التدين الذي يكرر نفسه اليوم, وبحضور قوي وخاصة في السنوات الاخيرة, التي شهدت فيها المنطقة العربية على وجه الخصوص انتعاشا وعودة له وكأن التاريخ يعيد نفسه وإن اختلفت شخوصه أو أساليبه إلا أن أهدافه تبدو كأنها متطابقة مائة في المائة.
هذا النوع من التدين في ظاهره السياسي في مضامينه وبواعثه يعود الينا في هذا العصر من رحم اللعبة القديمة الجديدة (المذهبية), التي جلبت الويلات قديما لتفرض نفسها من جديد على واقعنا اليوم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (سيأتي على أمتي سنوات خداعات يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويؤتمن الخائن ويخون فيها الامين وينطق فيها الرويبضة) قيل وما الرويبضة¿ قال: الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة) .. وجه استدلالي بهذا الحديث هو ما ألاحظه وأعتقد ان الجميع قد لاحظه من أن هناك الكثير ممن ينشطون وقت احتدام الخلافات السياسية أو تصادم المصالح بين فرقاء العمل السياسي, أو بين بعض مصالح الدول الباحثة عن نفوذ لها هنا أو هناك.
هؤلاء من ارباع أو أخماس المتدينين يجدون في مثل هذه الظروف ضالتهم فتراهم وتسمعهم في المواصلات العامة أو في الشارع أو المجالس وقد استنفروا لخدمة هذا أو ذاك مستغلين غياب من هم اهل لمثل هذا الامر أو سكوتهم عنهم, فتجدهم وقد حفظوا عددا من الاحاديث وفسروها حسب الحاجة أو الغاية التي تخدم مشروعهم أو حزبهم أو طائفتهم, يعمون على من يستمع اليهم ويجعلون من فكر جماعتهم السياسي جزءا من من الدين والعبادة والايمان, فيما أن من يختلف مع هذه الجماعة سياسيا أو في المصالح والنفوذ إما ضال أو مغرر به أو أنه مرتد أو كافر.
وحتى لا يكون الكلام في العموميات ها هي الحالة السورية تتحدث عن واقع الحال.. أنت وأنا نراهم يقتلون بعضهم ويذبحون انفسهم بأيديهم وبمساعدة ودعم إخوانهم العرب والمسلمين في كل ساعة ودقيقة على مرأى ومسمع من جميع المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم .. بل والمخزي ايضا أن هناك من رجال الدين السياسي المحسوبين (كبارا) يباركون ويشجعون على ارتكاب تلك الجرائم التي نراها ونسمعها كل يوم في سوريا, هؤلاء كانوا أيضا حاضرين في التاريخ القديم وحكاياته التي نقرأها أو سمعنا عنها لا يختلفون كثيرا عن رجال الدين اليوم وإن كانوا قلة إلا أنهم مدعومون ولهم مريدون كثر في جميع الفرق والطوائف.
إنه بلاء تتكرر مآسيه بين حقب التاريخ دون استفادة أو أخذ العظة وفهم الدرس, فنحن المسلمين دولا وشعوبا وافرادا في وقت السلم وحين لا يكون هناك تضارب في المصالح لا ننكر على بعضنا بعضا شيئا لا في المعتقد ولا في الطقوس التعبدية , طبعا هذا في الظاهر .. بل أننا نجتمع تحت مظلات أممية وقومية وعالمية حاملين صفتنا الإسلامية من الناحية الشكلية, فيما أن موروثنا التاريخي وما اختلفنا فيه يظل مركونا في الرفوف وكأننا ندخره ليوم تتضارب فيه المصالح والاهداف أو حتى تحين الفرصة لأحدنا لأن ينقض على الآخر فيبدأ كل فريق في نبش الماضي وتكفير الفريق الأخر.

قد يعجبك ايضا