القرن العاشر يحارب القرن العشرين

د.ياسين عبدالعليم القباطي

 - 
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب  على  المرض وانتصر عليه  وما زال يعمل  في برنامج  مكافحة الجذام  هو  الحاج  أحمد عزيز   أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكين
د.ياسين عبدالعليم القباطي –

قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وانتصر عليه وما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية آنس.
مرت سنوات ثلاث وأنا أبحث في السعودية عن تشخيص لمرضي المجهول وقد يكون الجذام- والعياذ بالله- حرب جسدي مع جراثيمه اللعينة لم تتوقف ولم تعطني هدنة كتلك التي أعطيت للجمهوريين حين قطع تدفق الذهب والأسلحة لجيش البدر بعد مؤتمر أركويت في 1964 ولكن رغم المؤتمرات واللقاءات في جدة والقاهرة والخرطوم والطائف ومبادرات الكويت والأردن والجامعة العربية وفريق المراقبين من مجلس الأمن والمؤتمرات المحلية في عمران وخمر والجند وحرض تعود الحرب أكثر ضراوة بعد كل مؤتمر وتضرب الطائرات بدعم مصري وسوري وروسي قواعد الملكيين في الحدود السعودية-اليمنية بل وفي داخل حدود السعودية ورغم أن الرئيس جمال قد سحب جزءا كبيرا من القوات المصرية من اليمن ويتضح أن الملك فيصل لا يريد عودة بيت حميد الدين بل عدم قيام حكم جمهوري ديموقراطي يحرر اليمنيين من العبودية باليمن فقد استمر التحالف مع القوة الثالثة وهي اتحاد قبائل حاشد وقبائل بكيل والمنشقين من الجمهوريين والمنشقين من بيت حميد الدين فاستعرت الحرب مرة أخرى.
وفي بداية 1967 وصار من المستحيل أن نخرج عبرطريق تسير فيه الناقلات فقد صارت تلك الطرق مخصصة للمتحاربين ويكمن خطر الموت في كل زاوية منها طريق نجران الجوف الذي أتينا منها أول مرة حين كان حلمي هو الوصول إلى أطباء الصليب الأحمر في نجران.
نصحنا عمي ناصر بعد أن صار قائدا مع الملكيين وخبيرا بطرق الحدود أن نتجه إلى صعدة عبر مضيق مروان وهو واد ضيق جاء ذكره مع عقبة رفادة ضمن حدود اتفاقية الطائف سرنا في ذلك الوادي الضيق أنا وأخي عبدالعزيز حاملين معنا زادا للسفر يكفينا لمدة ثلاثة أيام بسكويت وتمر وعلب تونة وخبز ناشف.
لا نرى في طريق سفرنا بشرا ولا عمارا في ذلك واد قفر وهضاب متدنية الارتفاع وصخور سوداء أحرقت سطوحها شمس حارة تسطع عليها منذ الأزل وتحيط بجوانب مضيق مروان شجر أثل وسدر متناثرات دون نظام أو ترتيب ويرتفع بنا الوادي كل ما سرنا في اتجاه الوطن وترتفع جوانبه فتتحول الهضاب إلى شعاب ثم تكبر فتصير جبالا وتزداد ارتفاعا كل ما جد سيرنا الذي تعيقه صخور غرست برمال أحضرها السيل الموسمي من الجانب اليمني من مضيق مروان الذي مازال ملكيا تحرسه القبائل التي تناصر البدر والبدر مجرد اسم على لواء الحرب فقد عاف العرش وشروره وأقام في المدينة المنورة وترك أمور الحرب للحسن بن يحيى حميد الدين وابنه محمد بن الحسن.
يدفعني الشوق لقرية أبو حسن في آنس فأحث السير ولم تعد أقدامي المشققة الجافة تؤلمني وأنا أغرسها بين رمال وادي مضيق مروان فقد كان عمي حريصا على أقدامي حين زودني بحذاء جلدي عسكري سميك يرتفع إلى تحت الركبة ليمنع دخول الرمال لتؤذي سطح قدمي فاقد الإحساس.
كنا نسير في الوادي وعندما يدركنا التعب نستظل تحت شجرة أثل وارفة ولم يكن من الصعب علينا أن نجد الماء من ينابيع انتشرت بالوادي الذي كان السيل زائره الموسمي ورغم ملوحة بعض الينابيع فالعطش وشمس ربيع شهر مارس 1967 ينسينا ملوحة المياه.
يقترب الليل فنبحث عن كهف نأوي إليه فنضع على بابه مئزرا ونشعل النار من الحطب الوفير في مضيق مروان يدفئنا الحطب المشتعل ويبعد عنا الوحوش وخاصة الذئاب والضباع والنمور التي كان صوتها مرتفعا مزعجا منذ أول ليلة قضيناها في وادي المضيق ورغم تعب السير طول اليوم ابتعد الوسن عني ولم يداعب النوم عيني ترى من هو مروان صاحب هذا المضيق ومن هم المروانيون سكانه النادرون هل هم ذرية مروان بن الحكم بن أبي العاص خلفاء بني أمية وقد نالهم ما نالهم من بطش العباسيين فهجروا دمشق إلى مصر والأندلس وأشهرهم عبدالرحمن الداخل -صقر قريش- وإلى اليمن كانت هجرة معظمهم هروبا من العباسيين أم هم أبناء مروان بن محمد بن مروان بن الحكم آخر خلفاء بني أمية كانت الأفكار تشتتني وأشجعها حتى تبعد مخي عن التفكير بالأسود والنمور التي تملأ مضيق مروان الخالي من البشر.
لم يغب حديث عمي ناصر عن بالي لحظة وقصصه لا تنتهي عن الحرب وأغربها قصة مشاركة خمس مائة يهودي يمني أرسلتهم إسرائيل عبر عدن إلى بيحان بملابس ضباط إنجليز وهناك خلعوا ملابس الإنجليز ولبسوا ملابسهم الأصلية لقبائل اليمن قبل مغادرتهم لها حين باعهم الإمام يحيى سنة 1948 لإسرائيل بتنسيق بريطاني فغادروا اليمن موطنهم الأصلي إلى إسرائيل حيث حثهم شمعون بيرز نائب وزير الدفاع الإسرائيلي في 1

قد يعجبك ايضا