يوم أكل الثور الأبيض

د. غيلان الشرجبي

 - استخدام لغة الطير والقصص الرمزية التي تتخذ من الكائنات الأخرى نماذج لمعالجة قضايا إنسانية قديمة قدم التاريخ ولأسباب عدة لعل أهمها:-
-1 التورية فالكاتب الذي لا يأمن سطوة السلطان يعمد إلى هذه التقنية وكأن لا علاقة للقصة الخيالية بالواقع فإذا ما فسر الأمر بخلاف ذلك  فان تأويل كهذا لايؤخذبه لمحاكمة الضمائر
د. غيلان الشرجبي –
استخدام لغة الطير والقصص الرمزية التي تتخذ من الكائنات الأخرى نماذج لمعالجة قضايا إنسانية قديمة قدم التاريخ ولأسباب عدة لعل أهمها:-
-1 التورية فالكاتب الذي لا يأمن سطوة السلطان يعمد إلى هذه التقنية وكأن لا علاقة للقصة الخيالية بالواقع فإذا ما فسر الأمر بخلاف ذلك فان تأويل كهذا لايؤخذبه لمحاكمة الضمائر وكثيرا ما تغض الجهات المعنية الطرف عنة حتى لايقال ” يكاد المسي‘ أن يقول خذوني ” .
-2 الإثارة والتشويق :فالإنسان تستهويه جاذبية الصور البلاغية بما فيها من (طباق وجناس وتشبيه …الخ) لهذا يعتبر هذا الفن القصصي أكثر رواجا يدخل في ذلك الجوانب النفسية. وان بصورة غير مباشرة- فقد اشتهرت الأرجوزات و(مسرح العرائس)وأحيانا بإيعاز من الجهات الرسمية لإفراغ الاحتقانات الجماهيرية بـ”التنفيس” عن المشاعر المكبوتة
-3 نعلم جميعا ان للإنسان قدرة على التمثل وانه يكتسب الكثير من خبراته عن طريق التقليد – على أن نفرق بين التقليد الاعمي والتقليد المنهجي للوصول إلى المحاكاة ثم الإبداxع لنرى كيف قدم القرآن الكريم نماذج لمدى تأثير النمذجة السلوكية فقد ندم (هابيل) على قتل أخيه حين رأى غرابا يواري سؤة أخيه بينما باءت محاولات (قابيل)لإقناعه بالفشل وتتوالى القصص القرآنية التي إبطالها من غير البشر لتقديم أروع النماذج التي تخاطب العقول والأفئدة لعلها تتعض فقد أسلمت الملكة بلقيس وقومها عقب انبهارها بشواهد الإعجاز في حضرة سيدنا سليمان وكأن الهدهد واسطة خير في ذلكوتكرر النملة نموذج السلوك الاجتماعي الذي يفتقر إليه الكثير من البشر ” قالت يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم ليحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون” فهي لم تكتف بإنقاذ نفسها كما يفعل الأنانيون من الناس وإنما قدمت مثالآحيآ للميول الاجتماعية بل ربما كان “كلب فتية الكهف “نموذجآ للإخلاص والوفاء النادركما اعتدنا أن نضرب أمثلة بـ(مملكة النمل والنحل الخ) من حيث التكامل والجهد الإنتاجي وترشيد الأنفاق والمثابرة) وأن نضرب المثل بـ”بقرة بني إسرائيل” كدليل على المراوغة وكيف أنهم بعد أربع جولات من التحاور “ذبحوها وما كادوا يفعلون ” عنما اشتد الخناق عليهم بعد أن كانت الخيارات مفتوحة إمامهم وما إلى ذلك.
* أما الغابة التي عاش فيها الثور الأبيض فإنها معادل موضوعي للحياة البشرية حينما لا يحتكم الإرادة العاقلة أو عندما لا يوظف العقل توظيفا إنسانيا فتصبح الحياة أشبه بـ” حلبة صراع الأثوار ” أو مجموعة أدغال تحتكم إلى “قوانين الغاب” ومن يستعرض حيثيات الأزمات المزمنة في هذا البلد سيلاحظ غياب العقل أو تغييب العقلانية وكيف عطلت الصراعات المتوالية على السلطة والخلافات السياسية حركة الحياة وكيف تمت تصفيات رموز الثورة وأصحاب المشاريع الوطنية الذين توارت معهم مناهج بناء الدولة المعاصرة واختفت بالتالي برامج مشاريع النهوض الوطني عموما ¿¿ ولندفع جميعا ضريبة تلك التداعيات وكأننا برحيلهم قد رحلنا إلى متاهات عدمية يصدق معها القول” لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض .
ويكفي أن نتأمل عجائب المفارقات بين تلك المشروعات الحضارية التي بشرت بها تلك القيادات التاريخية “وكيف توقف الزمن فما زلنا بحاجة ماسة لاستيعاب تجاربهم والعودة إليها للأخذ بها فمثلآ :-
-1لقد تخصصت حركة الأحرار بنضالات دستورية وسمييت ثورة 1948م ب”الثورة الدستورية” ودفعت خيرة رجالاتها ومثلما نكل الأمام بمعارضيه فقد كان اغتيال الشهيد الزبيري بعد ثورة سبتمبر 1962م مؤشرا على أن خصوم الحياة الدستورية كثر وهانحن مازلنا نعاني تبعات هذه الخصومة التي ارتبط اسم الزبيري لدى العقليات المصابة بـ”فوبيا الدستور” فاغتالته وهكذا ظلت تعطل الدساتير والقوانين المتتالية.
-2 لقد استطاع الرئيس السلال الاضطلاع بدوره القيادي في أحلك الظروف رافعا شعار ” بيد نبني وبيد نحمي الثورة والنظام الجمهوري” ولأنه نجح في ذلك نجاحات باهرة مازالت شواهدها ماثلة للعيان من حيث البني الأساسية لدولة تم تأسيسها من الصغر فقد أزيح ليكون آخر أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين غادروا السلطة بطرق مختلفة هدفها الإزاحة بكل من ارتبط اسمه ب “المشروعية الثورية”وفي طليعتهم الزعيم علي عبد المغني ورفاقه
-3إذا كان لكل من هؤلاء خصوصيته فقد لاحت لحظة تجليات (حكيم اليمن) القاضي الإرياني في موقف شبيه بما نحن فيه الآن – وربما أكثر خطورة

قد يعجبك ايضا