رمضان .. مقاصد الصيام وأبعاد الركن الرابع

عبد الرحمن محمد طاهر


عبد الرحمن محمد طاهر –
ارتباط الصيام بالزكاة يؤكد البعد الاجتماعي للصيام

قد لا يبدو الحديث عن الصيام جديدا على الناس لمعرفتهم المسبقة بفوائده وأبعاده المختلفة : الصحية والاجتماعية فضلا عن كونه التزاما دينيا بالركن الرابع من أركان الإسلام وهو صيام رمضان, على أن فريضة الصيام بأبعادها الشاملة هي مدرسه العبادات كما تعلمنا .
ولعل من الأهمية بمكان التركيز على البعد الاقتصادي وتذكير الناس بهذا البعد لما له من أهمية اقتصادية وروحية واجتماعية وكونه مناسبة سنوية للاقتصاد وعدم الإسراف والتبذير للأسرة بصفة خاصة والمجتمع عامة, فضلا عن كون الصيام مناسبة سنوية لاستعادة التوازن للاقتصاد الوطني المنهك والتوازن النفسي المفقود للإنسان المسلم ( الفرد والأسرة) ..
أما الأبعاد المختلفة للصيام كالبعد الديني والروحي والصحي والاجتماعي فتبدو مدركة عند معظم الناس وهو ماتحشد له معظم وسائل الإعلام خلال رمضان مختلف البرامج مغفلة البعد الاقتصادي لصيام شهر رمضان كمكمل لتلك الأبعاد وكأحد مقاصد الصيام العامة .
البعد الاقتصادي
يبدو البعد الاقتصادي للصيام هو البعد الغائب والمسكوت عنه في وسائل الإعلام حيث لا يقف عنده معظم المتحدثين والمرشدين من علماء الدين وغيرهم من الأطباء والمتخصصين الذين تحشدهم وسائل الإعلام لتغطية برامج رمضان دون التركيز على البعد الاقتصادي فضلا عن تذكير الناس بالبعد الروحي والديني والصحي للصيام خلال شهر رمضان المبارك .
ويبدو البعد الاقتصادي للصيام مفقودا ومستبعدا عند كثير من الناس ناهيكم عن الإسراف والتبذير التي أصبحت ظاهرة مرتبطة برمضان وتتناقض والمقاصد العامة للصوم فضلا عن سوء الحالة المعيشية لمعظم الناس لاسيما بعد تنامي ظاهرة الاستهلاك وتعدد أنماطه بسبب عوامل ومتغيرات العصر التي أفضت إلى تعدد وتنوع واختلاف أنواع وأشكال السلع والخدمات لتلبية احتياجات الإنسان المتعددة والمتزايدة مع الزمن ما أدى إلى ظهور أنماط استهلاكية فائضة عن حاجات الإنسان الأول وظهور اقتصاد السوق وتقلباته والذي نتج بدوره عن الزيادات السكانية واختلال التوازن بين الموارد الطبيعية والزيادة السكانية وقوانين العرض والطلب كأحد مظاهر المشكلة الاقتصادية وغيرها من الأسباب والعوامل الأخرى.
لذلك يعيش البعض في غفلة عن هذه المقاصد ويلجأ ــ نتيجة لعوامل اقتصاديه واجتماعية وسياسية المحنا لبعضها آنفا ــ يلجأون قبل رمضان للتكالب على شراء مالذ وطاب من مختلف الأنواع الاستهلاكية سواء ما يحتاجه الصائم أو مما لا يحتاجه بزعم تلبية احتياجات رمضان وهو منها بريء ــ مما قد يسبب أزمة في الأسواق وارتفاع الأسعار واختفاء بعض السلع ويؤدي الاستهلاك الباذخ لإنهاك اقتصاد الأسرة وميزانيتها المحدودة فضلا عن تعارض هذا السلوك مع الأبعاد الدينية والروحية والاجتماعية للصيام ..
من هنا تكمن أهمية تكثيف الحديث عن البعد الاقتصادي للصيام قبيل رمضان واعتباره فرصة سنوية نادرة لتذكير الناس بأهمية الاقتصاد وربط البعد الاقتصادي بالأبعاد الأخرى للترشيد والاقتصاد في رمضان عبر وسائل الإعلام كمحاولة لاستعادة التوازن للاقتصاد المنزلي ولميزانية الأسرة المنهكة وبالتالي التوازن النفسي وكذا استعادة التوازن بين قانوني العرض والطلب الحقيقي والفعلي للناس والتي تبنى عليها وبموجبها كثير من التصرفات وسلوكيات المنتج والمستهلك علاوة على قياس حجم الاستهلاك الفعلي لليمنيين بعيدا عن الإسراف والتبذير المؤدية لاضطراب الأسواق وتنامي ظواهر الاحتكار وارتفاع الأسعار ماقد يعتبر (ضبط الاستهلاك وفق الحاجه الضرورية) للمستهلك -إن جاز القياس- لضبط الاستقرار للأسعار وضبط الطلب الحقيقي للناس من السلع والخدمات في الأسواق وفضلا عن أن ضبط السلوك الاستهلاكي مقدمة لترشيد الاقتصاد الوطني وعدم التبذير عامة في رمضان خاصة وعلى مدار العام, كما أن الترشيد هو إعادة الاعتبار لفريضة الصيام ببعدها الاقتصادي وتكاملها مع الأبعاد الأخرى الدينية والاجتماعية والصحية..
ولعل تراجع هذا البعد الاقتصادي القيمي للصيام في سلوك الإنسان المسلم قد أدى إلى تنامي كثير من القيم المادية والاستهلاكية الطارئة والمستحدثة على حياتنا ومنذ أمد ليس بقريب وأفضى إلى هذا التكالب على السلع قبيل حول الشهر الكريم ..
على أن البعد عن مقاصد الصيام عامة (الاقتصادية والاجتماعية والروحية والصحية والدينية) قد أدى لتخلي الإنسان المسلم عن السلوك الحقيقي والمفترض أن يسلكه الإنسان العاقل الراشد الذي خلقه الله في أحسن تقويم هذا الإنسان الذي تحمل أمانة المسؤولية عوضا عن السماوات والأرض والجبال اللائي أبيúن أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا.
من هنا يمكن اعتبار أن معظم الناس يعيشون في غفلة ليس عن مقاصد الصوم

قد يعجبك ايضا