خاصية التعسكر
أحمد الشرعبي
أحمد الشرعبي –
> أختار مكانا وسطا بين اهرامات مصر لعلي أقف على جزء من الحقيقة أو أجد جذوة من نار تهدي إلى الإنصاف في قراءة غليان يغمر العرب والعالم بتأثيراته وينقل الانقسام الحاد من ساحات مصر إلى كل لحظة تأمل يمضيها الانسان مع نفسه وإلى كل مكان تتداول فيه مجتمعات وشعوب الأرض شؤون حيواتها وشجون العواصف المحتدمة في جنباتها.
وكنت قبل عام ونصف تقريبا دعوت إلى عدم التسرع في إطلاق الأحكام الجاهزة ضد مخرجات الشوط الأول من دوري الربيع القائظ لمجرد الامتعاض من تصدر تيار الإخوان المسلمين نتائج المشهد الثوري وبلوغهم بهذا القدر أو ذاك سدة الحكم كما انتهت إليه ثورة 25يناير 2011 غداة تسلم الرئيس السابق د.محمد مرسي مقاليد السلطة.
كنت – يومئذ – أرى أن التخويف من الإخوان انطلاقا من تقويماتنا بعض تجاربهم المريرة وشيئا من محدداتهم النظرية السابقة ينطوي على حيف وينبع من إحساس القوى الأخرى بمكامن ضعفها عن امتلاك نفس الجاهزيات التنظيمية والحركية التي كشفتها أداءات الجماعة في ساحات الثورة ضد مبارك وبن علي وصالح والقذافي وأن علينا النظر إلى تجربة جماعات الإسلام السياسي اعتبارا من ضحوات التمكين وطبيعة ممارساتهم سلطات الدولة خاصة وأنهم بلغوا هذا الحق عن طريق صناديق الاقتراع لا بعيارات الإسلامبولي ولا عن طريق تعبيرات الإمام الشهيد سيد قطب المقترنة بظروف الاعتقال وعدوانية صلاح نصر وأمثاله.
وبداية نرى أن عاما واحدا من أربع سنوات لولاية مرسي لا تكفي لتقييم تجربة إدارية متواضعة في عزبة من أحياء السويس فكيف إن كانت المسألة قيادة مصر كل مصر بسكانها الـ 90 مليونا ومؤسساتها الأكثر عراقة ونخبها الأرجح مكانة ودورها الأشد أهمية وحساسية كما أن اتجاه الإخوان المسلمين صوب الخيار الديمقراطي وقبولهما الاحتكام لصناديق الاقتراع لا تقتصر أهميتها على دواعي الاستقرار وتماسك الأرضية التي تستوعب شراكة المختلف والمؤتلف من القوى والأحزاب السياسية والتيارات والمذاهب والمعتقدات الفكرية لكنه أحد ضرورات المصالحات الوطنية وتعزيز فرص الانفتاح على قيم العصر وتحديات الحداثة.
وضع الصندوق أمامهم فسلكوا طريقه ونالوا الوطر منه وقد أتيح الحق ذاته لأطراف محسوبة على قوى الثورة وأخرى تحوم الشكوك حول ارتباطها بنظام مبارك ومع ذلك تبارى الجميع واعترفوا بالنتائج ولم تصل ملاحظات أي منهم لمجرياتها مستوى موضوعيا يجيز نتائج الاقتراع زد على ذلك أن الديمقراطية والعسكر خطان متوازيان لا يجتمعان إلا على إطلالة الاستبداد.. ومن هذه الناحية لا تسعفنا اللغة بمصطلح آخر ــ غير الانقلاب ــ يوصف تدخل القوات المسلحة المصرية للتطويح بمرسي !! وقبل هذا فإن الأسباب الداعية لتدخل الجيش لا تبرر إجراءاته المتخذة ناحية مرسي.. فإذا كان الاعتقال خارج القانون والإخفاء القسري قد حدث لرئيس خانته الخبرة في الدفاع عن شرعيته فعلى أي شاكلة يكون حظ المواطنين من الاستقرار النفسي والحماية القانونية وكيف تكون ممارسات الإخوان موضع اعتراض الجماهير بينما تحظى الجماعات الأكثر تشددا بقدر فائق من الحفاوة والتدليل..
غير أن السؤال الملح في راهن الأحداث..
هل نحن بصدد موقف من الإسلام هوية وشريعة وتاريخا وضاء أم أن الاختلاف يكمن في السياسة وطالما كان هذا صحيحا فإن إخوان مصر خطاؤون ولديهم القدرة على إكمال النص المقتبس من الحديث.إن التأمل العميق في الوجه الموازي لأحداث مصر ينسف تلك المحصلة التي أسلفنا الحديث عنها ويبني على انقاضها حقيقة بل جملة من الحقائق الأقرب إلى معايشة الواقع لا توابل الاستقواء بالديمقراطية بنية الانقضاض على أسسها والخروج على منطلقاتها وضوابط وشروط ممارستها.
وليس مبالغة القول بأن إخوان مصر وبلدان الربيع المتعددة مارسوا من الخطايا ما يفوق الأخطاء وهم اليوم أو بعد حين سيعضون أصابع الندم على تباهيهم بالموقف الأمريكي وقطعا لم ينبئ تعاطيهم مع تصريحات الرئيس أوباما عن عمق سياسي قدر كونه نكثا لعرى الوطنية والدين..
كيف يكون تدخل العسكر مرفوضا والوصاية الخارجية روشتة طبية ناجعة.. وأي أنماط الديمقراطية وصناديقها المحترمة أدعى لمساندة أمريكا.. ألم يكن هذا شأنها مع صناديق مبارك وصالح وبن علي التي أفرغت الديمقراطية من محتواها طوال عشرات السنين¿
وعلى صعيد خطايا الجماعة بدت سياسات مرسي نقيضا لشرعيته الديمقراطية التي استهلها بتحصين قراراته وكأنه في صراع مع فطرة البشر بل إن طريقة الجماعة في التعامل مع العقد الاجتماعي مثل حالة تقاطع وافتراق مع ثوابت الديمقراطية وضوابط العلاقة ا