احواض ومغاسل لإنتاج المرض في بيوت الرحمن

الثورة- تحقيق غمدان الدقيمي


الثورة- تحقيق/ غمدان الدقيمي –

غالبية المصلين لا يدركون مخاطر غمر القدمين في هذه الأحواض عقب الانتهاء من الوضوء أو الغطس في «مغاطس» أو «برك» يتم فيها غسل كافة اجزاء الجسم يفترض أن توفر أوعية آمنة للطهارة في تقليد متوارث عن المذهب الزيدى عبر آلاف السنين. تحولت هذه الاحواض مع مرور الوقت وغياب شبه كامل لأعمال النظافة إلى مرتع خصب للأمراض الجلدية والمعوية وأداة لنشرها في أوساط السكان الذين يواضب الكثيرون منهم على هذه الطريقة من الاغتسال مستسلمين «للقضاء والقدر» عند تفسير أي مكروه.
يقول عبدالعليم قائد (35 عاما) الذي صلى الظهر في جامع العصيمي القريب من منزله بحي «سبأ» الذي تؤمه أغلبية سلفية: «لا أحد يهتم بهذه الأمور (يقصد النظافة) نحن أمام رب العالمين ولن يصيبنا إلا ما كتبه لنا».
ويكشف هذا التحقيق كيف باتت هذه الأحواض والمغاطس مصدر للخطر بدل الطهارة الروحية والجسدية كما يعتقد مستخدموها. اذ بينت نتائج فحص عينات أخذت من أحواض وضوء ومغاسل 10 مساجد من أصل 1300 مسجد في العاصمة صنعاء أن مياه تلك الأحواض تنضح بمستويات قياسية من التلوث في ظل إهمال وزارة الأوقاف كجهة معنية بالإشراف على دور العبادة ونظافتها.

يحصلون على المرض في أعماق مختلفة من المياه
تتخذ هذه الأحواض والمغاطس من باحات المساجد الخلفية مواقعها كمصبات مكشوفة بأحجام وارتفاعات مختلفة. يتعدى ارتفاع بعض الأحواض 30 سنتيمترا كما هو الحال مع ـ 70% من اجمالي مساجد صنعاء فيما يصل ارتفاع المغاطس إلى حوالي متر واحد. وتقوم شاحنات – تحت الطلب – بتغذيتها في المساجد غير المرتبطة بشبكة المياه الحكومية ووفقا للنفقات المخصصة لهذه المساجد الخالية مراحيضها من أدنى شروط النظافة.
بحسب القائمين على المساجد يتم تغيير مياه الأحواض المخصصة لغمر القدمين قبل وبعد الخروج من دورات المياه والدخول إلى المسجد يتم مرتين في اليوم. لكن هذا القياس لا يمكن تعميمه على أحواض المساجد القديمة التي تسمى بالمغاطس أو «البرك» التي يقوم فيها المصلون بالغطس وغسل جميع أجزاء الجسم في مياه آسنة وعلى درجة عالية من التلوث.
في «مغطس» جامع «قبة المهدي» الذي بني قبل نحو ألف عام في المدينة القديمة يقوم المصلون بغسل كافة الأعضاء المشمولة بأركان الوضوء بما في ذلك الاعضاء الحساسة بينما تختلط أصوات المضمضة بالاستنشاق والبصق في المياه التي لا يتم تجديدها إلا مرة واحدة كل خمسة أيام بحسب قيم الجامع حمود الشهاري.

فطريات والتهابات وإسهالات.. وسرطانات أيضا
نتائج الفحوصات التي أجريت لتوثيق هذا التحقيق الاستقصائي الذي استغرق إعداده ثلاثة أشهر أثبتت وجود تلوث برازي (غائطي) في جميع أحواض المساجد العشرة المشمولة بالتحليل «الميكروبيولوجي» وذلك بظهور مجموعة البكتيريا القولونية وما يسمى «اشرشياكولاي E-coli” الدالة على وجود تلوث برازي بشري فضلا عن احتمال وجود فيروسات أكثر خطورة في هذه المياه في حال توفرت إمكانيات مخبرية أكثر تطورا وفقا للأطباء الذين تحدثوا في هذا التحقيق.
وأظهرت النتائج في إحدى العينات أن العد الكلي لمجموعة البكتيريا القولونية 2400 خلية/ ملم من مياه هذه الأحواض مقارنة بالمواصفات اليمنية لمياه الشرب غير المعبأة التي تشترط خلوها من مجموعة بكتيريا القولون وبكتيريا “إيشير يشياكولاي” في أي 100 ملم من العينة المختبرة.
والبكتيريا القولونية وكذا ما يسمى «اشرشياكولاي E-coli” هي المسؤولة عن كثير من الأمراض الشائعة في اليمن وخاصة المعوية وعلى رأسها الإسهالات وهي أخطر انواع الملوثات وفقا للأطباء ما يعكس حجم الضرر البالغ على مستخدمي هذه الأحواض.
يبدو الأمر كارثيا أيضا بالنسبة لأوضاع المغاطس الملحقة بالمساجد القديمة فمن بين العينات التي خضعت للتحليل المخبري عينتان من مياه هذه المغاطس.. «نسبة التلوث 100%» كما يقول استاذ طب المجتمع الدكتور يحيى رجاء الذي شارك في قراءة نتائج الفحص المخبري وأضاف أن ستة من أصل عشرة أحواض كانت غنية بالخمائر المسببة للأمراض الجلدية.
ويوضح الدكتور رجاء: «هذه العينات ملوثة تلوثا برازيا مع ظهور بكتيريا (الإيشريكية القولونية) الدالة على التلوث البرازي» وبالتالي فهذه المياه قد تحمل أيضا أنواعا أخرى من البكتيريا الممرضة كالتيفوئيد والشيجلا وغيرها «لأن ظهور الإيشريكية القولونية فقط في هذه النتائج المخبرية يعكس قدرتها على مقاومة الظروف البيئية ولا يعني ذلك عدم وجود أنواع أخرى من البكتيريا الخطرة في حال توفرت الامكانيات اللازمة لتأمين الإجراءات السليمة في تخزين العينات» قال رجاء.
يوجد في العاصمة صنعاء 360 مسجدا بها مغاطس كتلك الملحقة بجامع «قبة المهدي» الأمر الذي يعده الأطباء ال

قد يعجبك ايضا