الريفي .. الصحفي .. الزول الأصيل..

محاسن الحواتي


 - • في هذه المرحلة بالذات أخذت على عاتقي قراءة كل الكتب التي أهديت إلي ولم أقرأها وتلك التي
محاسن الحواتي –

• في هذه المرحلة بالذات أخذت على عاتقي قراءة كل الكتب التي أهديت إلي ولم أقرأها وتلك التي اشتريتها وكل ما لم ألمسه خلال الفترة الماضية ومن تلك الكتب القيمة كتاب (في مجالس الريفي) ذكريات وحكايات ومفارقات وهي سيرة ذاتية رواها الصحفي السوداني المخضرم محمد الخليفة طه الريفي وسجلها وأعدها للنشر رفيق دربه الأستاذ إبراهيم عبدالقيوم .. أهدتني الكتاب ابنة الصحفي سناء محمد الريفي عندما كنت في مصر وقمنا بزيارتهم والدتي وأنا في منزلهم بمصر الجديدة هناك تعرفت على زوجة الريفي السيدة منى محمد الحسن التي درست القانون سيدة مثقفة تذكر زوجها الريفي رحمه الله بكل خير فهو الذي شجعها على مواصلة دراستها ودفعها للاطلاع والنزول بالمعرفة .. أما صديقتي سناء الريفي ابنتهما فهي بعيدة عن الصحافة فقد ترعرعت في بيت جدتها بالسودان ثم مع زوجها باليمن فيما عاش أبويها في مصر.
• الكتاب صدر عن شركة الاتحاد للصحافة والنشر ليس سيرة ذاتية للصحفي الريفي وحده بل هو سيرة لمرحلة هامة من تاريخ السودان الحافل بالأحداث فالريفي ابن الحركة الوطنية ومن الأعمدة الصحفية التي كان يكتبها أنا ماشي (والدنيا بخير) و(لو كنت المسئول) كان ينقل هموم الناس ويعكس واقعهم ويحرض ضد الاستعمار وأعوانه.
قال عن طفولته “ولدت في مدينة القضارف وأذكر أن ناظر المدرسة اقترح على أبي أن يذهب بي إلى الخرطوم ويتكفل بتعليمي ويعود بي في النهاية خريجا من كلية (غوردوان) لكن أبي رفض ..وقال أريده أن يتعلم القرآن والفقه ليمسك مسجدي هذا من بعدي ولكن الذي حدث أني لم أصبح افنديا ولا مسكت المجسد” أضاف الريفي كنت أنظر إلى أبي بإعجاب كان طويلا ممتلئ الجسم عالي الصوت وكان لا يتهيب السلطة كما كان معتزا بنفسه إلى أبعد حد ولا يحترم إلا من يحترمه ويروي سكان من القضارف أن الانجليز عندما أقاموا إدارتهم الاستعمارية فرضوا على الناس أن ينظفوا الشوارع وكان المفتش الانجليزي يقوم يوم الأحد بالطواف على الشوارع ليتأكد بنفسه من نظافتها .. ويفرض الغرامة على من يشاء كان ذلك يشمل كل ما عدا شارع واحد هو الشارع الذي تقع فيه (خلوة) أي معلامة أبي .. لأنه قال لهم إن النظافة من ديننا ولا نحتاج إلى من ينبهنا بأمور ديننا.
* كان الريفي صحفيا حرا فقد عمل في صحف كثيرة وكان يترك العمل في الصحيفة دون أن يقدم استقالته.. وعند مجيئه إلى العاصمة الخرطوم كما يقول كنت أشبه حالي بحال هذا الأعرابي وكثيرا ما كنت أضحك على نفسي عندما أتذكر الخوف الذي انتابني وأنا قادم إلى الخرطوم .. كان الريفي مريدا للطريقة الصوفية المسماة بـ”الختمية” وقد أنضم إلى أقطابها “المراغنة” وأخذ يحضر جلساتهم السياسية والدينية ومن هناك تعرف على نجوم السياسة وأعيان المجتمع.
يقول الريفي: تعلمت من السيد علي المرغني شيخ طريقة الختمية النظام فوقت للقراءة ووقت لمقابلة الضيوف ووقت للراحة وبهذه المناسبة روى الريفي أن ضيفا انجليزي طلب مقابلة السيد المرغني وقد تأخر الضيف عن موعده .. فجاء سكرتير المرغني يخبره بوصول الضيف الانجليزي .. فأخبره المرغني أنه لا سبيل لمقابلته لقد بدأنا عملا آخر .. عليه أن يطلب موعدا آخر كان ذلك في أربعينيات القرن الماضي.
• صار الريفي نجما من نجوم الإعلام وصديقا لنجوم السياسة والأدب والفن عاصر الريفي الزعيم الأزهري وقال عنه إنه وطن خرج من قاعة التدريس إلى قاعة العمل الوطني الواسع كان أول من يبادر بمشاركة المواطنين في أفراحهم وأحزانهم لذلك أحبه الناس وتعلقوا به .. وكان من أنجح القيادات السياسية ومن أقربهم إلى نفوس الناس.
الريفي كان نشطا في الحركة الوطنية ضد الانجليز وفي مصر كان وفديا أيضا ضد الانجليز.
روى الريفي في سيرته الثورية أنه عندما زار الرئيس جمال عبدالناصر السودان حدث حادث مثير هو أن الرئيس عبدالناصر عندما ذهب يزور نادي الضباط في موقعه القديم بالقرب من النيل اصطف كبار الضباط لاستقباله على حسب رتبهم وكان يقف بالقرب منهم خارج الصف ضباط برتبة (صاغ) صافح عبدالناصر مستقبليه ثم اتجه نحو ذلك الصاغ وسلم عليه بحرارة ثم أخذه معه إلى القاعة التي اعتاد كبار الضباط أن يعقدوا اجتماعاتهم فيها وقضى الاثنان وقتا طويلا بعد ذلك خرج عبدالناصر ومعه الضابط الذي حياه وانصرف .. بدأ الهمس بين صفوف من شاهدوا ذلك المشهد .. ماذا بين عبدالناصر وهذا الضباط وكيف يتسنى لرئيس في حجم عبدالناصر أن يعطي مثل هذا الاهتمام لضابط صغير¿
ظن البعض أن عبدالناصر زرع بعض رجاله بين صفوف القوات المسلحة السودانية إلا أن نائب القائد العام بادرهم بأنه عندما ذهب لترتيب زيارة عبدالناصر للسودان سأله الزعي

قد يعجبك ايضا