من وسيلة نقل ومصدر للرزق إلى أداة لارتكاب الجريمة

تحقيق هشام المحيا –


تحقيق/ هشام المحيا – –
لم يكتف الشعب اليمني بما يملك من أسلحة بأنواعها فقد أضاف إلى موسوعته التسليحية آلة جديدة للموت صالحة للاستخدام الداخلي إنها دراجات الموت النارية فقد أنجزت ما لم تنجزه الدبابة والطائرة ولا غرابة فالمجرم يضع سره في أضعف أسلحته.. تدخل الدراجات النارية إلى اليمن دون رقيب أو حسيب أما الجهات ذات العلاقة فلا تسمع إلا همسا والنتيجة اغتيالات بالجملة من شأنها تقويض السلم الاجتماعي..

ظاهرة الاغتيالات ليست بالجديدة على المجتمعات فهي ومنذ القدم تعد من أبرز الطرق وأقصرها لتصفية الحسابات بين المتخاصمين واليمن ليست ببعيدة عن الظاهرة فهي من الدول المتقدمة وربما كان لها السبق ولأننا أهل اليمن أصحاب خبرة وحكمة فقد توصلنا إلى وسائل لم يتوصل لها الآخرون فالدراجات النارية بغض النظر عن ما ينتج عنها من إزعاج وتلويث للبيئة وصناعة الحوادث وإتلاف للممتلكات وازدحام للطرقات إلا أنها في الأخير تعتبر في الدول الفقيرة مصدر دخل لكثير من الأسر ففي اليمن يعيش على حركتها أكثر من 150 ألف أسرة بينما يستخدمها حوالي 50 ألف شخص في المواصلات الخاصة كوسيلة للنقل حسب إحصائيات تقريبية من جهات رسمية .. والدراجات النارية هي إحدى الحالات العشوائية التي يعيشها اليمن ودخلت أغلبها بطريقة غير قانونية ومما زاد الطين بلة غياب باقي الإجراءات كالترقيم والترخيص.
ووفق الإحصائيات الرسمية فإن عدد الدراجات التي تم ترقيمها حتى نهاية يونيو من العام المنصرم 81426 وأكثر من 20000 من بداية يوليو وحتى نهاية مارس من العام الحالي أما الدراجات غير المرقمة فحدث ولا حرج فقد وصلت إلى أكثر من 100 ألف دراجة وتحتل الحديدة المرتبة الأولى يليها أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء ثم محافظة تعز.
عندما يفكر الرجل الصيني في صناعة الدراجة النارية فإنه ينوي بذلك دعم الاقتصاد الوطني لبلده أما اليمني عندما ينوي استيرادها فإن النيات تتفاوت من شخص لآخر فالبعض ينوي دعم أسرته الفقيرة والبعض الآخر فينوي استخدامها كوسيلة للمواصلات الخاصة لأن الحالة الاقتصادية في اليمن مدمرة فلن يستطيع شراء سيارة ولو موديل 60 أما النية الثالثة والتي تعتبر آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا النفوس العقلية اليمنية هي استخدام الدراجات كأداة للقتل الأمر الذي لم يفكر فيه إبليس نفسه وقد راح ضحية هذه الوسيلة 40 عسكريا و4 مدنيين و21 مصابا حسب إحصائيات وزارة الداخلية للعام 2012م.
لم تتنبه الجهات المعنية إلى الأوضاع التي يعيشها المواطن الفقير على وجه الخصوص أصحاب الدراجات النارية بعد استخدام مصدر رزقهم كأداة قتل لتصفية الحسابات فكل ما توصلت إليه الدولة من اقتراحات هو محاربة الدراجات النارية بشتى الوسائل ولم يعلموا أنها أنقذت عشرات الآلاف من براثن البطالة.
المواطن عبده علي تخرج من الجامعة إلى الشارع كسابقيه عطف عليه أحد جيرانه وأعطاه دراجة نارية على أن يدفع له مبلغ عشرين ألف ريال شهريا وله الباقي لم يكن أمامه إلا أن يوافق ليستغل باقي المبلغ في لقمة عيش لأسرته المكونة من أمه الطاعنة في السن وأخيه الأصغر في المدرسة مع هذا يتعرض بين الحين والآخر للابتزاز نتيجة النظرة التي خلفتها ظاهرة الاغتيالات رغم أن الظاهرة عبارة عن عملية سياسية بحتة تستخدم لتصفية الحسابات حد وصفه ـ ويوجه نداء عاجلا إلى أصحاب المشاريع الضيقة كما يصفهم أن يتركوا اليمن وشأنها ويضيف بلغته السهلة: “بجاه الله خلونا نعيش فقد تخلينا عن حقوقنا فماذا تريدون أكثر من هذا”.
من المعروف أن شعب اليمن يتميز بالقبلية في حال ازدياد الظاهرة مع عدم اتخاذ إجراءات صارمة من الدولة سيدفع بكل قبيلة إلى أخذ الثأر بنفسها لأبنائها وهذا سيؤدي بدوره إلى الاحتراب ووقوع ما لا يحمد عقباه.
(أ ـ ح ) ضابط رفيع المستوى طلب عدم ذكر اسمه يقول “استهداف السياسيين والعسكريين خصوصا بآلة الموت الجديدة التي لا تترك وراءها أثرا للجاني يعمل على تقويض السلم الاجتماعي إضافة إلى أن الذين تم استهدافهم من الشخصيات البارزة والمهمة.
ويضيف: “الاغتيالات لا تخدم الشعب اليمني إطلاقا بل الأعداء” .. ويقترح الضابط: على الدولة أن تركز على عملية الترقيم وكيفية الاستيراد ونشر ثقافة التسامح.
من جهة أخرى يرى عدد من المحامين أن على الدولة إذا ما أرادت الاستقرار فعليها متابعة الجناة وتقديمهم للعدالة حتى يكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد.
محللون ومفكرون ومثقفون اعتبروا ظاهرة الاغتيالات عبر الدراجات النارية في اليمن ذات طابع سياسي بحت لتصفية الحسابات بدليل أن الذين تم اغتيالهم من الشخصيات المهمة سواء كانت عسكرية وهي الأغلب أو مدنية وأن الدراجات ما هي إلا وسيلة جديدة يستخدمها الجناة لأنها لا تترك خلفها أي أثر للجاني.
الدكتور أحمد عقبات

قد يعجبك ايضا