النزول من الخشبة!!

جميل مفرح


جميل مفرح –

في حال من الأحوال وظرف من الظروف وخلال أحاديثنا المعتادة طرح الزميل والصديق العزيز معين النجري فكرة النزول من خشبة المسرح وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي أسمع فيها هذه الفكرة أو أتعرف عليها إلا أنها جاءت في توقيت جعلها وكأنها ابتكار غير مسبوق بالنسبة لي على الأقل نظرا لما يمر به الحال العام والخاص على مستوى الحياة الوظيفية والسياسية والعامة أيضا.. ومن يومها وكل ما يمر بنا أو من حولنا يؤكد الحاجة الماسة لاستحضار هذه المقولة أو الفكرة “النزول من خشبة المسرح”.
* والذي يتتبع الحال المعاش الآن على الساحة الوطنية وفي باله هذه الفكرة يجدها ماثلة في كثير من الأحوال والمتواليات والأحداث منذ البدايات الأولى للأزمة السياسية التي مر بها الوطن وما يزال يعيش لا أقول تبعاتها وإنما أحداثها وارتباطاتها المتداخلة.. وأن هناك من اتخذ من هذه الفكرة منجاة ومهربا لبيات أشتى وصيف أكثر من مرة وهؤلاء لا يزالون حتى يومنا هذا قابعين في بياتهم وكأنهم غير معنيين بما يدور ويعتمل داخل البلاد على الرغم من أنهم من أكثر العناصر التي كانت فاعلة ومؤثرة وحاضرة قبلا والتي كان بإمكانها أن تحدث شيئا طيöبا لو أرادت!!
* هناك من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأكاديمية وحتى القبلية من ارتضى أن ينأى بنفسه بعيدا عن كل ما يجري في الساحة الوطنية ومن هؤلاء من أراد ذلك هروبا من مواجهات قد تطرحه أمام منú وما لا يريد مواجهته ومنهم منú فضل الفرجة واعتزم الحياد انتظارا لمنتصر قادم ينوي الالتحاق به متى ما انتصر وهناك من فرضت عليه الظروف والمتغيرات التنحي جانبا فيما كان لا يريد ذلك وهناك من أهملته كافة القوى المتنازعة المتصارعة لأنه لا يجيد الصراع.
* طبعا لا أتحدث هنا عن أي كان من الشخصيات العادية ولكن كما أشرت سابقا عن الشخصيات التي كان لها وما يزال باستطاعتها التأثير والتغيير في مجريات ما يحدث على خشبة المسرح من أحداث أصابت العشوائية والهزل والضعف والكثير من المساوئ مجرياتها بسبب غياب هؤلاء الذين آثروا النزول من الخشبة إما مجبرين ومقهورين أو هاربين مرتعبين أو متربصين متحينين للفرصة القادمة.. وهؤلاء للأسف ربما لو سجلوا حضورا بحكمتهم ودراياتهم وخبراتهم في الحياة والسياسة لكان الحال غير الحال.. أقول ربما!!
* غير أنهم رفضوا الحضور والمشاركة.. لم يكونوا مع أحد ولا ضد أحد نعم.. وهذه ربما يقول أحدهم إنها حسنة.. ولكن ليس حين يكون الوطن جزءا من الخيارات ويكون طرفا من الأطراف فالأمر يختلف كثيرا فماذا سنقول أننا سنقدم لهذا الكائن المقدس وندعي أننا معه إن لم نقدöم له ونكن معه في ظروف كهذه التي مر وما يزال يمر بها اليوم¿! ومتى سيكون تجسيد ما كنا وما نزال ندعيه من وطنية وحب وتضحية إذا لم يكن في ظروف كالتي عاناها ويعانيها الوطن منذ أكثر من عامين¿!
* المحزن المؤسف أن هؤلاء المعنيين لم يكتفوا بالنزول من خشبة المسرح والوقوف في صف الجمهور المتفرöج فحسب بل آثروا أن يقفوا وقوفا في الصفوف الأخيرة من مقاعد الجمهور ليظلوا بعيدا بعيدا جدا عن الواقع فجعلوا حتى من الجمهور خشبة أخرى يترجلون عنها ويظلون يراقبون عن بعد الحدث وجمهوره ولم يكونوا قريبين من شيء سوى بوابات الهروب تحسبا لأي تصاعد في المتغيرات لينجوا بأنفسهم!! ومنهم من استعجل ذلك وفر فلم يكن قريبا لا من خشبة أحداث ولا من خشبة جمهور!!
* وبالطبع هؤلاء ممن كانت تنعقد عليهم الكثير من آمال المساهمة في إخراج وكتابة أحداث المسرح الكبير الذي نعيش فيه (الوطن) أو على الأقل التأثير على تلك الأحداث والمتغيرات ومحاولة توجيهها بما يخدم لا يهدم وما ينفع لا يقلع.. وهاهم اليوم بعد إذ لم يكن منتصرا ولا مهزوما قابعون في غيابهم أيضا وإن حضروا وما يزالون يأفلون بمجرد السماع بشيء اسمه الوطن ومنهم من عصفت به جرأته ليطالب بنصيبه من كعكة الوطن.. ألم يدرك هؤلاء ومثلهم أن كعكة الوطن غير قابلة للتقسيم.. وأن مذاقها مر كالعلقم على من أراد وطنا فقط ليحوöله إلى كعكة أو شطيرة¿!

قد يعجبك ايضا