أغرب مافي الغربة

أحمد غراب

 - حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن 
حبي لها أمي سقتني إياه في وسط اللبن
هكذا وصف المحضار حبه لليمن
فكيف أصف أنا حبي لها وأنا الذي لا استطيع أن اغترب 
خارج اليمن سبعة أيام لأنها ا
أحمد غراب –

حبي لها رغم الظروف القاسية رغم المحن
حبي لها أمي سقتني إياه في وسط اللبن
هكذا وصف المحضار حبه لليمن
فكيف أصف أنا حبي لها وأنا الذي لا استطيع أن اغترب
خارج اليمن سبعة أيام لأنها الهواء الذي اتنفسه.
الغربة مدرسة من لامدرسة له واليمن أكبر من أن تكون وطنا نعيش فيه
أنها وطن يعيش فينا.
أن أكون مغتربا يمنيا فذلك يعني ان أشتاق بصمت أتلهف بعمق أحن كالرعد وابكي كالبرق واكتم بعناية اتظاهر بالراحة واللامبالاة فتصرخ من داخلي الحقيقة.
أن تكون أيامي في الغربة بلا لون ولاطعم ولارائحة عندما أنام احلم بالعودة إلى وطني فأشعر بالدفئ واستيقظ على واقع الغربة فيطويني الصقيع
في الغربة تمضي أيامي كعصفور مكسور الجناح أقاوم وأقاوم واحلم بأن أعود إلى وطني لأطير وأحلق من جديد واشتم هواءه العذب النقي واحبسه في الرئتين حتى لايغادرني مرة أخرى.
أن تكون مغتربا يمنيا فذلك يعني ان تكون روحك معلـقة بـوطـنك وانـفـاسك تتـلهـف للـعـودة إليه وأفكار سـارحة فـي كل تفاصيله وقلبك يحترق شوقا وجسدك يحتضر حيا.
من هو المغترب الأشد بؤسا في العالم ¿
هل هو ذلك المغترب القادم من جنوب الجزيرة
المحصور بين رسوم التأشيرة وهموم التزفيرة
الهم بعيره والغربة سعيره
وليس له عند حكومته تسعيره
لعله المغترب الوحيد في العالم الذي مطلوب منه يغترب ويحترق كالشمعة لا أقول لإضاءة عياله بل لإضاءة الكفيل الكفيل سار الكفيل جاء الكفيل طلع الكفيل نزل ويا كفيل و يا طويل العمر تعيش أنت وتبقى أن الذي مت حقا.
الكفيل من كفل يكفل فهو مكفول والعامل مقتول و سمي الكفيل كفيلا لأن المغترب اليمني يتيم لا دولة تشعر به ولاحكومة تهتم لأمره وكلما وقع عليه ظلم او شعر بهيانة أو ضيم لايجد أمامه سوى تلك العبارة الباردة المعلقة على الجدران ” السفارة غير مسؤولة عن أي مشاكل بين الكفيل والمغترب”.
ثلاثة أشياء لا يمكن إخفاؤها:امرأة حامل ورجل راكب فوق فيل ومعاناة المغترب عن بلاده وخصوصا في أول سنة غربة يكون شعاره : ” لو كان معي مصروف بروح احجن بسيب الغربة لكم وللجن “.
لحظات الوداع تحس أن الأرض تهتف بأعلى صوتها : ” احن من قلبي ومن فؤادي على الوليد ذي سار من بلادي “.
أنا المغترب الوحيد في العالم الذي يحترق ليضئ غيره ثلث الشعب اليمني يعيش على حوالات المغتربين يعني اللي بنسويه جهاد مش غربة.
غربتنا غير غربة العالم الناس يغتربوا ويجمعوا فلوس ويؤسسوا لأنفسهم وأسرهم تقتصد واليمني ايش ما حصل يرسله للبلاد وعاده لما يروح بعد خمس أو سبع سنوات يسألوه :” كم لك مغترب ايش سويت في غربتك ¿”.
ومما يزيد الغربة تعقيدا مشاكل الأراضي والمحاكم والنزاعات القبلية المغترب يجد نفسه مضطرا يجلس يشارع حتى وهو مغترب وإذا معه شريعة تأخذ من وقته وجهده وماله وغربته.
هل رأيتم اغرب من غربتنا ¿
اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي

قد يعجبك ايضا