الحوار و شياطين البلاد والشعب

عارف الدوش


 - 
 هناك تفاؤل في الأوساط السياسية بأن الحوار يسير بشكل طيب لكن علينا الاعتراف بأن ليس كل شيء على ما يرام ولا بد لعمل كبير جدا يتعلق بمصير البلاد ونوعية نظام الحكم وهوية الدولة
عارف الدوش –

< هناك تفاؤل في الأوساط السياسية بأن الحوار يسير بشكل طيب لكن علينا الاعتراف بأن ليس كل شيء على ما يرام ولا بد لعمل كبير جدا يتعلق بمصير البلاد ونوعية نظام الحكم وهوية الدولة الوطنية القادمة أن يثير الكثير من التباينات وان هناك قوى تبحث لها عن دور مستقبلي سوف تمارس ضغوطا قوية لتحقيق أهدافها وفرض رؤاها وقد استخدمت في الماضي أساليب كثيرة ومتعددة لفرض رؤاها اختلفت تلك الأساليب بين اللين والشدة بين التحايل على الأهداف الكبرى والقضاء على المختلفين بالقوة وكانت موجهات تلك القوى الخصومة وليس التعايش. فظلت خلال المراحل الماضية تفتعل المشاكل وتمارس الضغط على مواقع الجراح ونكء آبار الصديد المتراكم بفعل ارتكاب الأخطاء التي كان سببها النخب السياسية في تلك المراحل والتي كان كل منها يدعي امتلاك الحقيقة فيقصي المتباين معه في الرؤى بأشكال مختلفة مستخدما كل الأدوات المشروعة وغير المشروعة بما في ذلك المسجد والفتوى الدينية والتحليل والتحريم أو العكس استخدام الأيديولوجية والغلبة والقوة والأمر ليس حكرا على قوى بعينها فقد اشتركت بممارسة عمليات الإقصاء والتهميش والتصفيات قوى متناقضة ومتباينة من “اليمين إلى الوسط إلى اليسار” وكان لكل منها أساليبه في إقصاء الآخر وظلت أساليب تأليب الناس ضد بعضهم هي السمة الغالبة لكل مراحل التصفيات والإقصاء والتهميش واستخدمت النخب السياسية كل الأساليب باختلاق معارك جانبية وفي مراحل سابقة وحسمت تلك القوى اختلافاتها مع القوى المتباينة معها في الموقف والرؤية لشكل الحكم ونوعية الإدارة بالحديد والنار معتمدة على الغلبة والقوة والنفوذ و المال والسلاح.
وليس هنا المجال مناسب للتوسع في الحديث حول هذا الجانب فتاريخنا اليمني مليء بالأمثلة وفي مقدمتها فشل ثورة 48م والتحايل على أهداف ثورتي الـ 26 من سبتمبر والـ 14من أكتوبر ثم تحويل انتصار السبعين يوما وتثبيت النظام الجمهوري إلى هزيمة بالصرع الدامي في صنعاء ثم الصراع في عدن حول هوية الدولة “يمين انتهازي ويسار متطرف ومغامر… إلخ من التسميات” و ما رافق ذلك من تصفيات في الشمال والجنوب معا وهو ما أدى إلى مقتل ثلاثة رؤساء في فترة وجيزة وانفجر الصراع بشكل مؤلم ودام في 13يناير86 في الجنوب خسرت بسببه اليمن كوادرها المجربة وجاءت حرب صيف 94م لتكمل ما نقص لتدخل اليمن في نفق مظلم وهو ما أوصلنا إلى ما نحن فيه .
هناك شبه اتفاق بين القوى السياسية يلمسه المتابع والمراقب حول عدم حرف مسارات التباين والاختلاف حول قضايا الحوار الوطني من مسارها الحواري إلى مسار صراعي بعيدا عن طاولات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ويتفق الخطاب السياسي للمتباينين في الرؤى الفكرية وأسلوب التنفيذ أو إدارة اليمن خلال المرحلة القادمة أن بقاء التباين في مربعات الأخذ والرد وإبراز الحجج وأهمية أن يتم النزول إلى مستوى طموحات الجماهير لا البقاء في مربعات النخب وان لا تعتبر النخب نفسها هي الممثلة للجماهير وتتحدث باسمها دون تمثل مطالبها أو القيام بتفسير تلك المطالب كما تريد النخب ويخدم مصالحها هي لا مصالح الجماهير.
والتباينات والاختلافات حول شكل الدولة اليمنية القادمة ونوعية النظام السياسي “فيدرالية من إقليمين أو من أقاليم وبرلماني أو رئاسي أو مختلط” يظل اختلافا وتباينا سياسيا ورؤية وفقا لحيثيات محددة لابد أن تنتج مما يريده الشعب وما يراه بعد أن جرب الخيارات السابقة التي أفضت إلى صراع كاد يدمر الأخضر واليابس ولا خوف من بروز التباينات الحاصلة بين رؤى المكونات السياسية فيما يتعلق بقضايا الحوار الساخنة “الجنوب وصعدة” لأنهما اللتان سيحددان شكل الدولة ونوعية النظام القادم ومن الطبيعي أن يكون هناك تباين واختلافات ولكنها لا بد أن تظل مؤطرة بآليات الحوار الوطني لأن البحث عن معارك جانبية وتكبير وتضخيم بعض التباينات والاختلافات يخرج الحوار الوطني عن أهدافه وتضيع القضايا الكبيرة ويبدأ الناس في التوهان بين تفاصيل القضايا الصغيرة والجري وراء معارك جانبية لا تغني ولا تسمن من جوع.
ومن بداية الحوار وقبله هناك إجماع أن حل قضيتي الجنوب وصعده هو المفتاح الحقيقي لنجاح الحوار وبدون حلهما لا نجاح للحوار ولكن هذا الحل لابد له أن ينبع من مطالب الناس لا أن يأتي من خلال القيادات السياسية والنخب التي دائما ما كانت تصنع الحلول بعيدا عن مطالب الناس أو بتعبير الدكتور ياسين سعيد نعمان كانت النخب تتشاور مع الناس عندما تحتاجهم وتتخذ القرار نيابة عنهم عندما لا تحتاجهم وتأكيده على أن الحلول النخبوية سقطت إلى غير

قد يعجبك ايضا