طفل: أخاف من العودة إلى البيت قبل حصولي على ألفي ريال
تحقيق وتصوير عبد الواحد البحري

تحقيق وتصوير/ عبد الواحد البحري –
,آخر: أبكي على حظي عندما أرى الأطفال يذهبون إلى المدارس
طفولة تحتضر.. وأطفال يتحملون المعاناة مبكرا. مئات الأطفال يتزاحمون في مواقف السيارات وأمام إشارات المرور في مختلف الجولات أينما تقف السيارة يفاجئك أطفال بعمر الزهور بصورهم الشاحبة وأجسادهم النحيلة وشبه العارية ورؤوسهم المكشوفة في سباق لمسح زجاج السيارات وحين تحاول الهروب من هذه المناظر التي لا تفارق احدنا أينما ذهب..
ففي الحديقة نجد أطفالا يبيعون الألعاب وكأن علاقة هؤلاء الأطفال بالألعاب تقتصر في تقديمها لأطفال آخرين ينتمون لكوكب آخر (أبناء الميسورين) خرجنا من الحديقة لنشاهد على جوانب الطرقات أطفالا يحملون على ظهورهم أكياسا كبيرة (شوايل) مليئة بالعلب الفارغة. هذه الطفولة اليمنية التي نشاهدها تقطع القلب في حين نهتم بأطفالنا ونخاف عليهم من لفحة الشمس بينما هناك أطفال يبقون طوال اليوم وهم يتسابقون على مسح زجاج السيارات وقد تجبرهم الظروف على النوم فوق الأرصفة لبيع البيض أو بيع بلس التين..الخ.
هكذا نرى هؤلاء الأطفال يتسابقون عند الفجر كل يأخذ مكانه منهم من هو يقف في جولة المرور وآخر في فرزة الباصات من أجل الحصول على لقمة العيش في التحقيق التالي نبحث قضية الطفولة المستباحة والمحاولات التي تبذلها الدولة من أجل هؤلاء التقينا انتصار الرداعي مدير مركز إعادة تأهيل الأطفال العاملين المركز الوحيد الذي زرناه وهو فارغ من الأطفال توقعت أن أجد بداخله الكثير من قصص الأطفال لكني وجدت الأخت المديرة وعددا من الموظفين والموظفات على مكاتبهم يشكون تأخر الميزانية منذ ثلاثة أشهر مما شل حركة المركز الأول والوحيد في أمانة العاصمة .. فإلى السطور التالية:
خايف من العودة
” أنا خايف من العودة إلى المنزل وأنا لم أتمكن من الحصول على ألفين ريال لأن والدي سيطردني من المنزل” بهذه الكلمات رد علي جميل 7 سنوات الذي وجدته في جولة الرويشان بشارع حدة وهو يتسابق مع أروى 6 سنوات حافية القدمين يقول أنها ابنة عمته وهي يتيمة أما هو فوالده معاق في البيت انكسرت قدمه أثناء عمله على دراجة نارية (بالإيجار) ها هو وأخته 7 سنوات يهمان بالعودة إلى منزلهم ومعهم المحصول الذي لايقل عن ألفين ريال من كل واحد منهم وهذا شغل اليوم كامل من السابعة صباحا وحتى السادسة مساء ويمكن أن يتواصل العمل معهم إلى السابعة أو الثامنة مساء يؤكد الطفل جميل الذي لايملك من الجمال إلا الاسم فصورته تؤكد أنه لايحظى بأي اهتمام أو رعاية ونظرت إلى ابنة عمته أروى التي رفضت الوقوف معنا مستغلة انشغال ابن خالها بالحديث معي وهي تجري من سيارة لأخرى لمسح الزجاج وتلتفت إلينا ولسان حالها يقول دعني أستفيد من انشغال جميل.
يقول جميل: أعمل في جمع قوارير البيبسي الفارغة وأبيع الكيلو بخمسين ريالا لكن هذا غير كافيا لأنه مطالب بجمع ألفي ريال فوالده لن يدخله البيت هكذا يقول وحين أعطيته مبلغا مقابل حديثي معه قال: هل ستأتي غدا إلى هنا قلت له إن شاء الله قال إن لم تجدني هنا في الجولة ستجدني خلف السيارة الخاربة ابحث عني أنا صاحبك وسوف أقول لك كل ما تريد..! حينها أدركت أنني التقي برجل يكبرني بسنوات. قلت له لماذا تنام بين الكراتين والمخلفات يرد: بين أتعب ويغلبني النوم.. هذه الطفولة التي صدمتني..!
حكاية جوهرة
ذهبت بعدها إلى جولة مدينة حدة وهناك وقفت بعد الجولة لعلي التقي بطفل أو طفلة قبل وصولي مقر مركز إعادة تأهيل الأطفال العاملين بشارع جدة حضرت جوهرة 10 سنوات وخلفها ثلاثة أطفال قلت لها هؤلاء معك قالت نعم أخوتي سألتها عن والدها قالت في البداية انه (متوفى) لكن أخاها أميرا 7 سنوات قال أبي هناك نظرت إليه وهو رجل خمسيني يتكئ على عصا يرقب أطفاله من بعيد وأطفاله يتسابقون على تنظيف زجاج السيارات من سيارة لأخرى تقول جوهرة: أعطيني صدقة وعدتها بصدقة بس بشرط تكلمني عن دخلها اليومي وعن حبها لهذا العمل. تقول: أبي بينظر إلينا وسوف يحرقني إذا لم اجمع ثلاثة آلاف ريال إنا وإخوتي أحيانا نجمع أكثر من ثلاثة آلاف وأحيانا ألف وخمسمائة وبعض الأحيان احصل على خمسمائة وألف مرة واحدة أحيانا ينتهي اليوم دون الحصول شيء يستحقه.
أتعلم وأدرس
قلت لها: ووالدك لماذا لا يشتغل تقول: والدي عنده تليف في الكبد ومصاب بمرض السكر ووالدتي مريضة في البيت ونحن نسكن غرفة وحمام (دكان) في الصافية وحين قلت لها على مركز إعادة تأهيل الأطفال سارعت بالقول: ذهبت إليهم ولكنهم ألحقوني بإحدى المدارس ولم أتعلم شيء عندهم أتمنى أن أتعلم وأدرس أنا وأخواني ونعيش في أمان ولكن إيش الفايدة اعمل في الجولات طوال اليوم ولا نجد ما نأكله وقد أحصل على بعض الوجبات “بواقي أكل” من عمي شرف ..! من عمك. قالت صاحب المطعم أقول له عم شرف هو رجل فاضل
