التمييز بين الحقوق والحريات في‮ ‬النصوص الدستورية‮ ‬

د. ‬عباس محمد زيد


د. ‬عباس محمد زيد –
البحث مهتم‮ ‬بالتمييز بين الحقوق و الحريات السياسية في‮ ‬المقام الأول‮ ‬ففي‮ ‬معرض الحديث عن الحقوق والحريات السياسية‮ ‬يخلط البعض بين المصطلحين‮ ‬‮ ‬ويذهب‮ ‬جانب آخر إلى القول بأنهما عبارة عن مصطلح واحد لا فرق بينهما‮ .‬
والواقع أن اللغة ومدلولاتها لا‮ ‬يمكن أن تسلم بهذا التبسيط‮ ‬كما أن السلطة التقديرية للدولة ممثلة بالسلطة التشريعية والتنفيذية تختلف في‮ ‬حالة تقرير الحقوق أو النص على الحريات كما سنوضح ذلك وهذا ما‮ ‬يهمنا‮ .‬
فالحق‮ ‬يقابله الواجب بينما الحرية لا‮ ‬يقابلها الواجب بل المحرم إذا صح التعبير‮ .‬
‮(‬فحق‮) ‬المواطن في‮ ‬أمر ما‮ ‬يقابله‮ (‬واجب‮) ‬الدولة في‮ ‬توفير ذلك الحق‮ ‬‮ ‬ويتفرع على واجب الدولة في‮ ‬توفير مجموعة من الحقوق حقها في‮ ‬تنظيم تلك الواجبات الملقاة على عاتقها والتي‮ ‬هي‮ ‬حقوق للمواطنين‮ .‬
بينما‮ ‬يقتصر دور الدولة في‮ ‬الحريات العامة على صيانتها من أي‮ ‬اعتداء دون أن تملك أدنى سلطة تقديرية في‮ ‬تنظيم تلك الحريات المنصوص عليها في‮ ‬صلب الوثائق الدستورية‮ ‬وهو ما نحاول توضيحه مع التبسيط في‮ ‬الأمثلة التالية‮ . ‬
حق التعليم المكفول دستوريا‮ ‬يقابله واجب الدولة بالقيام بالعملية التعليمية‮ ‬‮ ‬ويتفرع عن واجبها في‮ ‬تنظم التعليم أن تمتلك سلطة تقديرية في‮ ‬تنظيم هذا الحق‮ ‬وهو الأمر الذي‮ ‬يعطيها سلطة في‮ ‬إصدر مجموعة من القواعد القانونية والتعليمات الإدارية الصادرة عن الحكومة في‮ ‬تنظيم ذلك الحق وهي‮ ‬من ترسم المناهج التعليمية في‮ ‬التاريخ والتربية الدينية وغيرها من العلوم وتفرض مذهبا معينا أو مذاهب عدة وفقا لرؤيتها المسبقة وما تعتقده في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يعتبر النص على حرية التعليم‮ ‬غل‮ ‬يد السلطات من تنظيم التعليم وتكتفي‮ ‬الدولة بحمايته من أي‮ ‬انتهاك قد‮ ‬يمس هذه الحرية وبالتالي‮ ‬تمتنع عن إصدار أي‮ ‬تشريعات تقيد من حرية التعليم‮ . ‬
وحق إنشاء الأحزاب‮ ‬يعطي‮ ‬للدولة ممثلة بالسلطة التشريعية سلطة تقديرية واسعة في‮ ‬تنظيم وتقييد هذا الحق ووضع الشروط التي‮ ‬لا تسمح بمخالفتها في‮ ‬تأسيس الأحزاب وبالتالي‮ ‬عدم الاعتراف بها‮ ‬إلا بعد توافر الشروط التي‮ ‬وضعتها مسبقا‮ . ‬
بينما حرية إنشاء الأحزاب‮ ‬يغل‮ ‬يد السلطة من أي‮ ‬تنظيم لهذا الحق ويعطي‮ ‬التنظيمات السياسية والجماعات‮ ‬الحرية الكاملة في‮ ‬تأسيس أي‮ ‬حزب سواء كانت علمانية أو دينية أو ملكية في‮ ‬ظل أنظمة جمهورية والعكس‮ . ‬
نلاحظ هنا أن سلطة الدولة قاصرة على حماية هذا الحق من أي‮ ‬انتهاك وليس لها تنظيمه أو تقييده بأي‮ ‬قواعد قانونية قد تحد من استخدام هذا الحق في‮ ‬ظل النص على حرية إنشاء الأحزاب‮ .‬
‮ ‬ومع ذك‮ ‬يجمع الفقه والقضاء على تقرير قاعدة قانونية متمثلة في‮ ‬أن سلطة الدولة ممثلة بالسلطة التشريعية في‮ ‬المقام الأول والحكومة في‮ ‬المقام الثاني‮ ‬فيما تملكه من إصدار لوائح منظمة للقوانين أن حقها تنظيم الحقوق المنصوص عليها في‮ ‬صلب الوثائق الدستورية‮ ‬يجب أن لا‮ ‬يصل إلى حد منع الأفراد والجماعات من استخدام ذلك الحق أو التضييق من استخدامه إلى الحد الذي‮ ‬يجعل استخدام الحق مرهقا ومكلفا للغاية‮ ‬‮ ‬وذلك من خلال وضع قواعد تنظيمية قد تغل أصحاب الحقوق من استخدام حقوقهم‮. ‬
فحق التقاضي‮ ‬مكفول وفقا للنصوص الدستورية‮ ‬ومن حق السلطة وضع قواعد ع

قد يعجبك ايضا