سيدي المثقف… سيدتي المثقفة..!!
عبدالكريم المدي

مقالة
عبدالكريم المدي –

مقالة
بكل المعاني الإيجابية التي يجب أن تسير عليها الأمور وينطوي عليها التعبيرأيضا..يجب أن يظل المثقف والاديب والكاتب والشاعر والفنان والاكاديمي -من الجنسين- مؤمنا برسالة تنويرية ..لزاما عليه القيام بمهمة إيصالها لمجتمعه بدون أي ترددأو ملل أو البحث عن مقابل لذلك ..
كما يجب عليه الامتلاء .. وبيقين كبير .. بفكرة أن ما يفكر به ويستشرفه هو بالضبط ما ينتظر أمته..لأنه – كما هو معروف- من دون تصورات وخيالات وأفكار هذه الشريحة الهامة ستكون الحياة أكثر رتابة وأقل وعيا بأهميتها وبأهمية التنوير والحرية والإبداع والتعايش..والعلم والنهوض..
أعتقد جازما أن المثقف ..اليوم ..معني ..بدرجة رئيسة .. بتحويل بقع التوتر والصراع النفسي / الذاتي ..والصراع مع الآخر إلى إيمان بالحياة وبالحوار وبحتمية التغيير الإيجابي ..مع عدم القيام بقفزات هروب إلى الأمام أو الاستجابة لرغبات الرفض والاعتراض الجاهزين..لأي طرف من الأطراف ..أو لأي حوار أو نقاش..يطرح هنا أو هناك..
والمثقف..المثقفة معنيان اليوم -أيضا- بإيصال فكرة/ضرورة إقامة الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة ودولة القانون.. التي تضمن الشراكةوالقبول بالآخر.. من منطلق التعدد والتنوع في إطار الكيان الواحد.. وكيف يمكن-أيضا- مأسسة هذه الدولة¿ وإيجاد الوسائل المنسجمة مع
العصر ومع المجتمع من اجل إقامتها..¿
إلى جانب توضيحه ..لحقيقة أن أي حاكم سيأتي لايمكن له أن يحيد قيد أنملة عن العقد الاجتماعي وعن الدستور وعن قيم العصر وعن الشراكة الوطنية ..
ولعل أول الخطوات التي يمكن أن يقوم بها مثقفونا..ومثقفاتنا.. في هذه النقطة تحديدا هي..مساعدة الناس على التخلص من ذهنية وثقافة.. كانت سائدة في الوعي الجمعي العربي التي تعتقد -بجهل منها- أنه لا يمكن أن تتمكن من الإستمرارية في الحكم أي قوى سياسية أو فرد ..ما لم تقم..يقم بنفي وتصفية الآخر..
فهذه الفكرة والثقافة- حقيقة- لم تعد صائبة بالمطلق وخاصة بعد موجة التحولات العميقة التي حدثت في عددمن المجتمعات العربية ذات الأنظمة العتيدة والعتيقة المتسلطة..!!
والمثقف-أيضا- ومن أي موقع كان معني بتبني خطاب توفيقي .. تصالحي .. وطني .. تنويري .. وفي المقابل كبح جماح خطاب التحريض والإدانة والتجييش والإستقطاب والتحدث ضد المستقبل وضد الآخر بهذا القدر من الإساءة والتهكم والتجريح والمصادرة .. والقتامة والسوداوية..
ولعل ما يجعل من هذه المرحلة فارقة وإستثنائية في حياة هذا المجتمع هوهذا الكم الكبير من التراكمات التي ولدت ثقافة الصراع والثأرات السياسية ومشاعر الكراهية وردود الفعل العدوانية من البعض والخارجة في أحايين كثيرة عن سياق المنطق وحقائق التاريخ..
ما يعني أنه يحتم على الجميع البحث عن عوامل وعناصر التلاقي والتقارب والتواصل وإيجاد بقع ضوء ودفقات أمل في أوساط الناس .. وعلى الجميع .أيضا- وبالقدر الذي يتم فيه التحذير بخطورة العمالة للخارج والإرتهان له..أن يعمل جاهدا في دفع الناس لمباركة الحوار والتباحث والتفاهمات بين مختلف القوى السياسية والثقافية والاجتماعية والمدنية للخروج بصيغ توافقية جديدة تجنب البلد الاحتمالات والخيارات المرعبة ..سواء كانت تمزيقا وفقرا وهوانا..أو دماء وخرابا ..
الخلاصة ..في إعتقادنا أنه لم يعد هناك مجالا للتأجيل واللامبالة ..لهذا فلابد من أن يتم الدفع بالمجتمع إلى تأسيس الوعي والعقل وفق معطيات ومفاهيم عصرية ..تحث على السلام والتعدد والتنوع وتحريرالعقل من قيود التخلف والمذهبية والطائفية والمناطقية والعصبية وكل تراكمات الصراع والجهل والغباء والفساد..ومخلفات فكر وحمية» داحس والغبراء» وأخواتها..
أما أنتما – صديقي المثقف وعزيزتي المثقفة – ومعكما مراكز البحث العلمي والمراكز والمنظمات المدنية- فعليكما التحرك الجادلمعرفة الأسباب الحقيقية
التي تدفع بالشباب في الهروب -فكريا وثقافيا-إلى القرن الرابع الهجري والخامس. أو بإتجاه عصور الانحطاط ..وتحول ملامح الحياة لديهم إلى يأس مقيم وإحباط دائم وظلام أبدي….!
وأخيرا أعتقد – أيضا- أن المثقفين معنيون كثيرا في توضيح كيف أن المعايير الغربية ..وخاصة في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان..
قد غدت مرجعية لسلوكنا وثقافتنا..وهل ذلك مجرد شعارات أم واقع..وإن كان واقعا فلماذا لم نتزحزح إلى الأمام بهاتين النقطتين والقيمتين الكبيرتين حتى سنتيمترا واحدا.¿
وما الذي نحتاجه كي نأخذ من صديقنا الغربي ..القيم الإيجابية ونتخلص من السلبية..¿
لن أضيف المزيد..
تلك هي تساؤلات ملحة أحببت أن أضع بها نقطة الختام..هنا..
وأعتقد أنكم جديرون ومقتدرون .. أكثر مني.. في الإجابة عنها ..
دمتم بخير..
almedi2009@hotmail.com