زحام لا أحد فيه!
خالد الرويشان
خالد الرويشان –
النخب اليمنية مشغولة بالتساؤل المرهق عن من دخل مؤتمر الحوار ومن لم يدخل! ولماذا دخل فلان ولم يدخل علانú! بينما الملايين من مواطني هذه البلاد تنتظر بصبر ونبúل ما ستؤول إليه نتائج المؤتمر,.. لا يهمها من دخل أو خرج, بقدر ما يهمها أن تدخل البلاد في حالة سلام وتقدم, وأن تخرج من سرداب يقود إلى الهاوية!
النخب مهتمة بحصصها من الكعكة وكل يجهز الطبق والسكين! بينما الملايين من مواطني هذه البلاد, وفي كل المحافظات, تتعايش بحب, واحترام, وتناغم, وتكامل في الأسواق, والمطاعم, والوöرش, وأعمال البناء, وساحات الشباب الثائر وميادينه التي وحدت الهدف, وأعادت الأمل.. هذا هو شعبنا العظيم, الذي خذله السياسيون بإثارة نعرات وعصبيات,.. وتأليب الرأي العام, واستغلال جهل البعض وفقره, والفراغ الثقافي والسياسي, وحتى يتزاحم الكل في زحام لا أحد فيه! حسب تعبير الشاعر المصري حجازي..
النخب تخöب نحو سراب يومöئ لها!.. فتصطخب صيحاتها, وتشتعل هتافاتها حماسا وهمة مجنونة بالسراب! بينما الملايين من اليمنيين تنتظر المطر في أيام محسوبة مزروعة في دمها منذ آلاف السنين.
النخب تتنازع وتتقاسم تحت أضواء النيون, والثريات المذهبة الملونة, والابتسامات المسممة, بينما الملايين من مواطني هذه البلاد تكد وتكدح في حقولها, وأعمالها, وغربتها, لا شيء يهز يقينها برائحة أرضها, ونكهة وديانها, وأغاني رعاتها,.. إنها الأغاني الحزينة نفسها, والعيون المتعبة ذاتها,.. المآزر القطنية البهيجة البسيطة , والأطفال المتسخون الرائعون في كل قرية, ومدينة.. النساء الأبيات تمشي على أقدامها المسافات الطويلة في ريفنا الصابر, ولا تلتفت حتى ليد العون والمساعدة! إنها عöزة شعب, وسمو بلاد عبر أزمان ودهور, لا فرق بين قصور حراز وقلاعها المشرئبة.. كأنها تبتهل بالدعاء,.. وقصور يافع الفخمة العجيبة, كأنها معجزة بيضاء في قلب الصخر الأصم.. روح تريم وعقل زبيد, ناطحات شبام وضياء صنعاء,.. تعز وما أدراك ما تعز! بنو شيبان الذين وصلوا بين الصين وموريتانيا مرورا بالشام والمغرب العربي.. وإذا كانوا قد جالوا العالم كله, فكيف ببلادهم,.. تعز ملح هذه البلاد ونكهتها.
المهرة.. تمهر ماء أحلامنا, وتمخر عباب أرواحنا,.. شهúد الضالع الأبيض انعكاس لنقاء قلبها,.. كرم أبúين, ومروءة البيضاء, وشهامة ملاح, ونجدة صباح, حضارة مأرب, وأسرار الجوف, إب.. قلب اليمن الأخضر, وسرة اليمن وسريرتها, ريúمة العöلمö والصفاءö والإنشاد, المحويت إعجاز الريادي,.. ذكاء كوكبان, وحöنكة الطويلة.. حجة محجة الروح, وخلاصة بلاد, شبوة قهوة بني هلال, وحصن الأمل, صنعاء مدينة المدائن, وأسطورة الزمان.. ريف صنعاء, حلاوة العنب, ومرارة الصبر,. . ذمار, عراقة وأصالة وإبداع, عمران العامرة.. بونها شاسع, وترابها ناصع.. صعدة, عنقود بستاننا, ورمانة قلبöنا,.. تهامة تöيه تاريخنا, وعمائم علمائنا, وسلة طعامöنا, وعملاق إنساننا,.. عدن, شهقة بحرöنا, ولؤلؤة قلبöنا, وثغرنا الساحر,..
ليúت كل سياسي يمني محترف محاور أو مناوöر عرف بلاده كما يجب! إذن, لأحب كل ذروة وقرية, وتلة وربوة, وأحب كل وجه متúرع بالأمل, مفúعم بالعملö والتعب.. وأحب كل لهجة وسöحúنة, ورقúصة وبرúعة,.. لأحب اليمن كلهú.. اليمن الذي تنتسب العرب إليه,.. فلا يجوز ولا يليق أن تدهمه لحظة حيرة, وكان لآلاف السنين ولأمة بكاملها جذوة اليقين, ومنبع الأمل.