نقاط على الحروف.. فلسطين والسلام المزعوم
أ.د. عبد الله أحمد الذيفاني
أ.د. عبد الله أحمد الذيفاني –
فلسطين العروبة والإسلام, الجرح النازف في القلب العربي الإسلامي, الذي ظل وسيظل معبرا عن ضعف وخوار في القرار والإرادة للأنظمة العربية والإسلامية, ودليلا على وقوع الكثير منها في حبائل التبعية, وعلى حدوث انهيار قيمي واسع وعميق, أضحت معه قيم الانتماء والولاء والمواطنة ضربا من الهذيان والحديث الممجوج لشيوع مفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان تروج للاستلاب وتعده انفتاحا, وتروج للاستسلام وتعده سلاما, وتروج للهزيمة وتعدها تعايشا, وتروج للقبول بالذل وتعده سلاما اجتماعيا, وتروج لتبديد الثروة ونهبها وتعده حرية اقتصادية…….
هذه المفاهيم التي زرعت في حين غفلة في العقل العربي المسيس, وعممت على حين من القهر والاستبداد والطغيان في صفوف الجماهير, وأجبرتها على الخنوع والقبول بالمهانة, وضاعت مع هذه الحالة الكثير من الأحلام والآمال العريضة لأمة هي خير أمة أخرجت للناس..وبما جعل هذه الأمة تستجدي كل شيء حتى مسمى الدولة وجوهر نظامها, ومضامين الحياة التي ينبغي أن تعيشها, وتتخلى عن قيمها تحت مبررات المعاصرة والمرونة والتحرر والقبول بالآخر.
وهي لعمري أمور لا قيمة لها ولا نفع منها لهذه الأمة لأن القبول بالآخر, يعني أن يكون هناك طرف يقبل بالآخر, وله رأيه وله قناعاته, وله فكر, وله تدابيره, ويقف على أرضية صلبة من الخيارات والاختيارات تمتد إلى طبيعته التي تشكل ذاته وتجعله مقابلا ونظيرا للآخر..
وهكذا وجدنا القضية الفلسطينية تضيع في دهاليز وخنادق سميت ظلما وعدوانا السلام, وهي في حقيقة الأمر وواقعه مقابر لدفن القضية وتصفيتها وإنهاء الحق القانوني والتاريخي للشعب الفلسطيني بدولته على كامل ترابه..
أن الزعم الذي يروج له بمسمى السلام أعطى للمستوطن الناهب, اللص, القادم من يعيد والمهمين على الأرض والثروة بقوة السلاح وبالقهر والدم وتدمير الحريات وانتهاك كافة الحقوق التي تقرها الشرائع السماوية والوضعية, من جهة وتطلب من صاحب الأرض والحق التاريخي, القبول بأشبار وأمتار من أرضه مقابل السلام المزعوم, ويمارس ضده أصناف الضغوط من قبل الحكام الذين يفترض أن يكونوا معه في خندق استرداد الحق, ليقبل بالسلام المزعوم. إنها لردة عربية وتراجع إسلامي حقيقي في الانتصار لحق الشعب الفلسطيني وحماية التاريخ العربي الإسلامي والمقدسات التي تعبر عنها تلك الأرض المباركة التي باركها الله جلت قدرته فهل نتوقع حدوث عودة إلى ذلك الحق إنا لمنتظرون.