اليمن شيخنا كلنا
أحمد غراب

أحمد غراب –
تعريف الدولة المدنية باختصار هي أن يكون اليمن شيخ الكل ولا شيخ إلا اليمن وكلنا رعية عنده لا فرق بين مواطن ومواطن إلا بالعمل من اجل الوطن ومن جد وجد ومن زرع حصد.
تعريف الدولة المدنية هي اليمن الشيخ وليس الشيخ اليمن ومعنى هذا بالحرف الواحد أن القانون والعدل شيخنا كلنا.
هنا تتحقق العدالة والمساواة عندما يكون الوطن فوق الجميع ولا احد فوق الوطن بعيدا عن منطق أنا شيخ إذن أنا موجود وأنا رعوي إذن أنا مفقود.
أما مدنية وتمدن اليمن كله وإلا مشيخة وتمشيخ اليمن كله بحيث يصبح عدد سكان اليمن اثنين وعشرين مليون شيخ والمهنة الرئيسية المشيخة ولأن هذا الأمر مستحيل فالحل هو ان يكون اليمن شيخ الكل ونعمل جميعا من اجل اليمن فهو كبيرنا ومعلمنا ووطننا وسماءنا التي نستظل تحتها وبحرنا الذي نلتمس فيه الرزق وأرضنا التي نزرع فيها قمحنا وقوتنا.
مسلسل شيخ العرب همام ليحيى الفخراني قدم نموذجا للمشيخة العربية الاصيلة فهو أكثر واحد بين الرعية قادر على تحمل هموم الناس ومعالجة مشاكلهم ومداواة مكلومهم وانصاف مظلومهم وحمايتهم من نفسه قبل حمايتهم من انفسهم واعدائهم.
منذ بزوغ الشمس يقعد تحت اشجار النخيل على ضفاف احدى البحيرات ويلتف حوله الرعية من كل صوب في الصعيد ليقدموا شكاويهم ما يعني اننا لسنا امام شيخ فحسب بل امام قاضي ومحكمة تنعقد بشكل يومي لفض الخلافات بين الرعية وانصاف المظلوم والتفريج عن المكروب واغاثة اللهفان اولا بأول دون تأجيل للقضايا لتتراكم وللحقوق للتزاحم وللحبة لتتحول إلى قبة.
والضعيف وصاحب الحق محمي بعدل همام وقوته فلن تجد في صعيد همام بن يوسف نزاعا مسلحا على الاراضي ولن تسمع صوت طلقة واحدة ولن ترى أي مظهر من مظاهر البسط والتهبش على اراضي البسطاء والموظفين فالحق محفوظ والعقاب على الخطأ يجتث أي جرأة على الاعتداء على حقوق الناس.
وكان من نبله انه كان يحمي من يستجير به في حال كان مظلوما وصاحب حق.
وكان له مركز تعلمي توثيقي يديره “بولس” يقوم بتوثيق كل خطاباته وكل بصائر الاراضي وكل التعهدات والاتفاقيات ويتعلم فيه الاطفال والشباب اصول القراءة والكتابة والحساب والاهم من ذلك انهم كانوا يتعلمون للممارسة فتجد الناجحين في قسم الحساب يعملون في جمع الغلة الزراعية بعد أن استوعبوا الموازين والنصاب وكان للبعد العقائدي حضوره فكان الحكم بشرع الله هو ميزان العدل وكانت المبادئ والاعراف الحميدة مبعث للمكافأة والتكريم والتقدير وكان همام هو غالبا من يصلي برعيته فتجد الدين المعاملة وتجد المبادئ تتجسد على الواقع.
حتى على الصعيد الشخصي تجد نموذجا رائعا في المرح والبساطة وحسن الخلق وعدل المشاعر.
الشيخ الحقيقي هو وطن وليس فرد مصلحة عامة لاقبلية ولاشخصية ولاتعصبية ولا رأسمالية.
“اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي”
