العنف الأسري ضد المسنات ظاهرة مخجلة لمجتمعنا المحافظ
تحقيق : زهور السعيدي

تحقيق : زهور السعيدي –
عندما يبدأ الرباط الفولاذي للأسرة بالانهيار والتفكك ويذهب كل من الأبناء في سبيل حياته الخاصة وانشغالاته حينها تظل الأم وحيدة وقد رحل كل من أبنائها وبناتها إلى شركاء حياتهم و تزداد معاناة الأم وخاصة إذا أصابها الكبر والعجز وتحتاج إلى أدنى مساعدات الحياة والتي لا تجد منها إلا الصياح والتأفف والضجر من فلذات أكبادها واقرب الناس لها. التقت (الأسرة) ببعض المسنات لتسرد لنا آلاف المعاناة المستمرة من الأبناء وحملناها إليكم فإلى التفاصيل
أم تلجأ إلى المقبرة
في البداية التقينا بالحاجة جمعة والتي تجلس دوما على بوابة إحدى المقابر متكئة على عصاها ويظهر عليها اثار التعب والمرض والحزن سألناها عن سبب تواجدها المستمر هناك فقالت « اخرج لارتاح قليل من بيت ابني والذي لا اسمع فيه سوى اللعن من أحفادي على كل كلمة أقولها لهم وعندما ارجع البيت أحس بتأففهم مني وانزعاجهم والجميع غاضبون وعابسون في وجهي ولا أجد كلمة طيبة من احد منهم حتى ابني الذي قضيت عمري في تربيته وتعليمه «
أما الجدة سكينه والتي لا يعلم أولادها كم بلغت من عمرها فهي مقعدة تماما وتحتاج إلى المساعدة في كل شيء سألناها كيف حالك فأجابت: هم يتركوني جائعة» فقط هذا ما قالته سألنا أحفادها الذين كانوا يتواجدون بجانبها لماذا قالت ذلك وهم كثرة في المنزل فقاموا جميعا بالضحك عليها والسخرية وقالوا أنها مجنونة واقتربت إحدى حفيداتها إلى وجهها وقالت « الله يعزك يا عجوز متى نرتاح منك «
لا تتدخلي بشيء
سعده عبده حسين قالت : لا اعلم كم عمري فزمان كانوا لا يحسبون الأعمار وأنا تعبانه كثيرا وأتمنى الموت اليوم قبل بكره فأنا لا استطيع أن أقول لأولادي أني مريضة أو أريد علاجا لأني كلما قلت لهم تعبانة يردون أنت دائما مريضة وربي اعلم بمرضي المتواصل ولست اكذب عليهم وحتى أني عندما أجوع لا اتجرأ واقول لهم بل انتظرهم إلى أن يعطوني الأكل وان لم يقدموا لي فأنام على جوعي فانا أحس أني مثقلة عليهم ودائما اسمعهم يقولون هذه العجوز « شغله» « وهي تكذب وليست مريضة « حتى أني أحس بتضايقهم مني وكل كلمة أقولها أجدها محسوبة علي ودائما يقولون لا تتدخلي بشيء اجلسي في مكانك فقط
أما صالحه 85 سنة قالت : أنا عند ابنتي الآن وهي بارة بي والحمد لله ولكنها أيضا مشغولة فلديها محل خياطة نسائية ولكني أعاني جدا من أحفادي حيث أجد السب والشتم منهم والصياح المستمر ويتعدى ذلك إلى أن يعلموا إخوانهم الصغار ليقوموا بضربي وأحيانا كثيرة أظل بلا مأكل أو مشرب إلى أن تعود ابنتي وعندما اخبرها تقول أنهم أطفال يا أمي .
فاطمة إسماعيل أم لتسعة أبناء تعيش بمفردها في منزل شبه خال من كل شيء ويفتقر لضروريات الحياة الأساسية دوما تظل في الخارج بالقرب من منزلها ولا تدخل إليه إلا في وقت الصلاة أو لتأوي إليه في الليل غابت ذات مرة عن الشارع الذي تظل فيه جالسة مع بعض من رفقاتها المسنات في حارتها « حارة الشريف « بصنعاء وظل الجميع يسأل عنها ظنا منهم أنها عند احد أبنائها وعندما طال غيابها ذهبت إحدى رفيقاتها إلى منزلها لتجدها مريضة تصارع الموت وحيدة دون علاج أو حتى أكل سألتها لماذا لم تذهب إلى احد أبنائها ليعتني بها فأجابت: ذهبت إلى منزله في بداية مرضي ولكن لم يفتحو لي باب المنزل وقالت لي زوجته عبدالله ابنك ليس في المنزل انه مسافر عودي عندما يرجع» فرجعت إلى بيتي الذي يعزني ويعز مرضي وأنا بيد الله ولا أريد منهم شيء .
الله يعزك ويريحنا
الاستاذه سمية صالح 26 سنة : أصبحنا نلاحظ الكثير من العنف ضد المسنات سواء الأم أو الجد أو إحدى القريبات التي لا احد لها ولا ملجأ سوى أبنائها معظم المسنات في مجتمعنا لم يكن لديهم وظيفة يترتب عليها معاش تقاعدي تستطيع من خلاله أن تكفل العيش لنفسها أو تأتي بخادمة لتعينها وإنما تضطرهن الظروف في مجتمعاتنا إلى العيش عند احد الأقارب وتحس أنها عالة عليهم خاصة مع الأمراض المتعددة التي تصطحبها عندما تكبر مثل الضغط أو السكر أو القلب والذي يحتاج إلى علاج مستمر وفي هذه الحالة تحس المسنة أنها عالة ولا تجد أيضا من يهتم بها من أبنائها الاهتمام الكافي وكثيرا ما نسمع عبارت «أف « و» يالله منك « و « الله يعزك ونرتاح « من العديد ممن يعولون المسنات
غياب الرعاية
الدكتور محمد عبدالله سليمان أخصائي علم النفس قال :إن المسنين كافة في بلادنا لا يجدون الرعاية الكافية والاهتمام وليس ذلك على مستوى المنزل فقط وإنما على مستوى الدولة بأكملها فتكاد تنعدم دور الرعاية لكبار السن وان وجدت فإنما هي تزيد من آلامهم ومعاناتهم وأيضا تنعدم النوادي الخاصة بكبار السن لكي يستطيعوا أن يخرجوا فراغهم فتجد في الخارج مثلا عندما يتقاعد الشخص فإنه ينضم إلى ناد لكبار السن ويقضي وقت فراغه مع إقرانه من المسنين