موقعها الاستراتيجي الحدودي مع «السعودية» جعلها محط أنظار الباحثين عن »الوهم«

استطلاع أحمد الطيار


استطلاع /أحمد الطيار –
35 الف لاجئ يتسكعون في شوارعها واليمن يتكبد معاناتهم
جيوش المتسولين تنغص عمل المطاعم وحركة السياح

حينما تحط رحالك بمدينة حرض صاحبة المنفذ الاستراتيجي التجاري البري بين اليمن والمملكة العربية السعودية من الناحية الشمالية الغربية بمحافظة حجة تشعر بهدير النشاط الاقتصادي لمدينة تقع على سفوح وديان خضراء مترامية الأطراف نشاط يجعل المدينة الفسيحة ليلها يتساوى مع نهارها فالحركة دائمة بالمسافرين الذاهبين للمملكة أو العائدين منها أو أولئك المصدرين أو المستوردين والقادمين بالناقلات والشاحنات المحملة بالبضائع أو الباحثين عن فرص العروض التجارية وشراء السيارات والأمتعة وهكذا تتزين الشوارع والمطاعم والفنادق في المدينة بالنشاط الدائم ويحقق الناس فيها أرباحا جيدة كل ذلك والمشهد طبيعي يعبر عن الدورة الاقتصادية لمدينة تجارية اقتصادية بامتياز.

جمال الطبيعة
> أول انطباع فاجأني والزميل المصور حسن هديس في رحلتنا لمدينة حرض أوائل مارس الجاري سحرها الأخاذ بمحيطها الرحب الواسع فهذه المدينة الرابضة فوق وديان خصيبة تلفها الأشجار الخضراء بعناية وتحدق بها الزراعة من كل جانب أرض خصبة ازدانت بحضارة منذ مئات السنين حين سكنها حرض بن عمرو بن مالك بن يحيى بن خولان بن همدان ذلك الشيخ المحارب في مجال البناء الاقتصادي والزراعي ربما تحديدا في القرن الثالث قبل الميلاد فقد استقر به القرار كما يشير المؤرخون في الوادي الخصيب المحاط بأودية سهلية تستمد مياهها النابعة من سيول جبال حجة وصعدة على بعد مئات الكيلو مترات ولهذا تستمتع بالزراعة كأنها الأم الحانية عدة مرات في العام وباتت اليوم ضمن سلة الغذاء القادمة لليمن.

موقع استراتيجي
> تضاف لميزات حرض الزراعية والجمالية أهمية جديدة تنطلق من موقعها الاستراتيجي كمنطقة ربط حدودي تجاري بين اليمن والمملكة العربية السعودية فهي اليوم المدينة الاستراتيجية المتربعة في أقصى نقطة يمنية بالشمال الغربي للبلاد منفذها الحدودي بالطوال يجعلها أكثر معانقة للجوار مع السعودية حيث التبادل التجاري النشط بين البلدين والمسافرين لزيارة الأماكن المقدسة وللعمل أيضا.

ارتياب
> مع ذلك النشاط والحركة الدؤوبة لليمنيين في مدينة حرض هناك من جهة أخرى نشاط مناقض تماما جلب للمدينة وهدوئها كابوسا مزعجا ربما لن ينتهي قريبا إنه كابوس حركة تدفق الأفارقة بطرق غير شرعية أفارقة يتدفقون يوميا عليها بلا عدد وبلا حساب وبلا حسيب أو رقيب أيضا يملأون أطرافها بجيش من العاطلين والباحثين عن لقمة عيش شباب وكهول ونساء وأطفال رمت بهم الأقدار ليشكلوا كابوسا يخيف المدينة ويهدد أمنها ونسيجها الاجتماعي بالانهيار وبات عددهم يفوق 35 ألف إفريقي من دول عدة.

انطباعات
> من المثير للزائر تلك الدهشة التي تستغرق وقتا كبيرا للتفكير صورة تحكي تعرض المدينة لغزو منظم قادم من خلف البحر انهم الأفارقة المتكدسون بالشوارع والطرقات يتسولون في أبواب المطاعم ويجرون وراء أحلام يعلم الله متى وكيف ستتحقق ¿ لكن تحقيقها يجلب كابوسا يفزع سكان وزائري مدينة حرض وسؤال أهلها دوما كيف يمكن إنقاذ مدينتنا منهم¿.

غموض
> أسئلة كثيرة يطرحها السكان هناك عن السبب والأسباب التي تجعل مدينتهم متنفسا للقادمين من البحر ومن القارة الإفريقية وهناك آلالاف من الأجوبة تترنح هنا وهناك بعضها واقعي وآخر خيالي لكن الإجابة الأكثر بروزا هي تلك الأحلام التي يحملها هؤلاء النازحون إذ يعتقدون أن دخولهم السعودية سيكون عبر حرض وان تجمعهم هناك ما هو إلا استراحة محارب ثم يمضون إلى «جنة الخلد» بداخل السعودية ورغم علمهم ومعرفتهم أن دخول المملكة أبعد عليهم من عين الشمس لأنهم لايملكون الفيز والوثائق الرسمية فإن بقاءهم بالأيام والشهور والسنين في حرض أمر يؤرق اليمنيين جميعا فيما يعلن سكان حرض على الملأ استغاثتهم إلى كل الجهات لحل هذه المعضلة .

التسول المفرط
> يحاصرك الأفارقة في تجوالك بمدينة حرض حتى الثمالة فكل من وجدك يمد يده طلبا للصدقة وحين تهم بالأكل في مطعم هناك من يترقب عدد اللقم التي ستدخل بطنك وعدد «اللقم» الممكن أن تبقى من أكلك فهم وبعيون ثاقبة يحسبون لها ألف حساب وعندما تهم بالرحيل يكونون قد التهموا بقايا الطعام أو توزعوه في ما بينهم فتاتا.
هذه الحالة تعكس مستوى البؤس والجوع الذي يحدق بهؤلاء الأفارقة في حرض وهنا يمكننا أن نتساءل هل عيشتهم في بلادهم هي أشد ضنكا من العيشة في اليمن لدرجة أنهم يفضلونها على بلادهم تلك إجابة لم نتمكن من الحصول عليها لان الحديث معهم غير مجد فهم لا ينطقون بأي كلمة عربية كما انهم ليسوا مؤهلين بلغة أخرى كالإنجليزية مثلا ليتحدثوا بها.
م

قد يعجبك ايضا